صحيفة العرّاب

المتنبي.. يعود ليرمي ظله على الطريق الى الكوفة

 بعد غياب قسري لمدة سنتين، يحاول ابو الطيب المتنبي ان يصطحب معه ولديه للعبور من مدينة النعمانية على الطريق المؤدي الى اهله في الكوفة، كان هنالك يتطلع في المساحات الشاسعة عسى ان يجد احدا في استقباله، فيما كان يتسلى بقصائده تارة وبالمزاح مع ابنه محسد تارة اخرى، متذكرا ان النعمانية فتكت به فترامت قصائده على اطراف الارض ونبتت كلماته لتصبح اشجارا عسى ان يشاهدها اهل المدن القريبة والبعيدة، عاد.. بعد الى النعمانية التي حرمته منها العوائق المالية والادارية في العام الماضي، وهاهو يفتح ذراعيه لابناء الشعر والادب في مهرجان حمل اسمه عسى ان يستمع الى قصيدته تهزه ويشير اليه ببنان الاعجاب.
على مقربة من قبر ماليء الدنيا وشاغل الناس، في مدينة النعمانية التابعة لمحافظة واسط (180 كم إلى الجنوب من العاصمة بغداد)، و تحت شعار (بالقصيدة تسمو الحياة) يقف عشرات الشعراء العراقيين لقراءة قصائدهم تخليدا لابي الطيب المتنبي حيث تنطلق صباح الخميس فعاليات (مهرجان المتنبي) التي تستمر لثلاثة ايام وتتضمن اقامة معرض تشكيلي تقيمه دائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة لابراز هذه المناسبة من خلال استلهام الحكمة والفروسية التي تميز بها الشاعر في قصائده، فضلاً عن مشاركة اخرى لفناني محافظة النجف الاشرف. 
وقال رئيس الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق فاضل ثامر : ينعقد المهرجان بأمكانيات وجهود محدودة بسبب تخلي العديد من الجهات عن دعمه وعدم تنفيذه في الدورة الماضية على الرغم من الاهمية الكبيرة التي يمثلها المهرجان لشخصية المتنبي وضرورة ايلاء اهتمام لهذا الرمز الشعري والتاريخي الكبير الا اننا وجدنا ان الدولة بعيدة عن الاهتمام بالشأن الثقافي، ولهذا وللاسف اقول لم نستطع ان نحصل على هذا الدعم الحقيقي لوزارة الثقافة الا قبيل ايام عندما قررت وزارة الثقافة وربما بجهود شخصية من الوكيل الاقدم الاستاذ الشاعر جابر الجابري حيث حصل على مبلغ 20 مليون دينار عراقي لدعم المهرجان في الوقت الذي نحن تقدمنا بهذا الطلب للحصول على دعم لمهرجان مهم في بغداد هو مهرجان الجواهري، قدمنا الطلب الى الوزارة والى السيد رئيس الوزراء والى السيد رئيس الجمهورية فلم نجد اذنا صاغية الى حد الان، وقد وعدنا محافظ بغداد مشكورا بتقديم دعم ولكن هناك آلية بيروقراطية في الاجهزة المالية والادارية تعيق هذا القرار، ولا اعرف اذا ما كان سينفذ ام سيظل حبرا على ورق.
  واضاف : هذا المهرجان يمثل اهمية خاصة ذلك انه يحاول ان يخلق صلة ارتباط بين الحاضر والماضي، بين تراثنا الشعري وتراثنا المعاصر من جهة اخرى، كما انه يعطي الفرصة لادباء المحافظة لمراجعة انفسهم ووضع لبنات جديدة في مجال الاحداث الثقافية المعطلة والمهمشة في المحافظات، ونحن نعتبر هذه الفعاليات مناسبة لدفع الاستحقاقات التي تتطلبها الحياة الثقافية في المحافظات.
 اما الشاعر الدكتور جاسم بديوي : هذه المشاركة الاولى لي ولا اعرف هل سيضيف مهرجان المتنبي شيئا للثقافة او انه مثل باقي المهرجانات تصبح مناسبة للتعارف او للقاء بين الاصدقاء القدامى والتقاط الصور، وبما ان الايجابية الاساسية التي استندت عليها اقامة المهرجانات هي نشر ثقافة التنويع، وبالمقابل منها هناك ثقافات متعددة اظن ان هذه الثقافات ذات اللون الواحد يجب ان تكسر هذا الحاجز باقامة مهرجانات وندوات، وهذه المناسبات الثقافية من شأنها ان تحمل سمة التنويع لانها الرئة التي يتنفس منها المجتمع او هي الصخرة الوحيدة التي يجب ان تتكسر عليها الثقافة الظلامية ذات الاتجاه الواحد والبعد الواحد.
واضاف : اظن انه لمجرد ذكر اسم المتنبي ورمزية المتنبي ايضا لها حمولات ثقافية واجتماعية وسياسية ايضا لان المتنبي، فضلا عن كونه شاعرا، فهو صاحب مشروع سياسي، وهذا المشروع السياسي بغض النظر عن اتجاهاته وبوصلة تفكيره الا انه يحمل للمثقفين روحا تتسم بحمل مشروع سياسي ثقافي، ونحن منذ عام 2003 الى حد الان لم يحمل المثقفون اي رؤى ولا توجد هناك اي رؤى ثقافية سياسية حقيقية تقدم هذا البلد.
وتابع : من خلال مشاركتي هذه.. انا ارحب بحذر وحرص ايضا، لكنني اتكلم عن الرجاء والامل في ان يكون المهرجان ذا منفعة حقيقية وليست اسقاط فرض او مثل مهرجانات وزارة الثقافة للاحتفاء ولتبادل التهاني، نريد ان يكون المهرجان فتحا ثقافيا في اسلوبه وطريقته وادائه، نرجو ان يكون على مستوى لائق وان تصدر عنه مشاركة في الحياة الثقافية والاجتماعية. 
 المهرجان تقيمه وزارة الثقافة بالتعاون مع محافظة واسط والاتحاد العام للكتاب والادباء المركز العام، وستبدأ فعاليات المهرجان يوم الخميس 29 من أيلول / سبتمبر الحالي قرب قبر المتنبي في النعمانية بكلمة الافتتاح يلقيها وكيل وزارة الثقافة الاقدم رئيس اللجنة العليا للمهرجان الشاعر جابر الجابري ثم كلمة محافظة واسط ورئيس مجلس المحافظة وكلمة رئيس الاتحاد العام للكتاب والادباء في العراق فاضل ثامر وقصيدة للشاعر محمد علي الخفاجي وقصائد لشعراء المحافظات، كما سيقدم طلبة النشاط المدرسي في تربية واسط عرضاً مسرحياً كبيراً بعنوان (المتنبي) ولوحة جدارية للفنان شاكر خالد يرسمها اثناء الاحتفال وافتتاح معرض للفن التشكيلي لفناني دائرة الفنون التشكيلية وفناني محافظة واسط، وستتضمن الجلسات التي سيعقدها المشاركون حلقات نقدية صباحية ومسائية في مقر اقامة الوفود، ثم حفل اختتام المهرجان وتوزيع الشهادات التقديرية على المشاركين، وستصدر عن اللجنة العليا للمهرجان جريدة يومية بعنوان (المتنبي) لتوثيق الجلسات الشعرية والنقدية.