صحيفة العرّاب

خنفر : لا علاقة لعزمي بشارة بخروجي من الجزيرة

  أعرب المدير العام السابق لشبكة الجزيرة عن ارتياحه لقرار استقالته, وانتقاله للعمل في قطاع غير بعيد عن عالم الاعلام.

 
 وقال في حوار أجرته معه "العرب اليوم" إنه بصدد تحد آخر وصفه بالاكبر, ولكن لم يكشف الا عن بعض تفاصيله, مشيرا الى انه بصدد "تأسيس مؤسسة عالمية ستنطلق من قطر, ستعنى بالتدريب والدراسات التفصيلية, وتمتين قدرة الاعلاميين على وصول الى مصادر المعلومات, من دون تدخل مراكز النفوذ".

وفنّد المدير العام السابق لشبكة الجزيرة الاشاعات نافيا ان يكون لقرار استقالته اية علاقة بكل ما يشاع عنها وخاصة علاقته بالمفكر عزمي بشارة وقال: "اكملت ثماني سنوات في موقعي بالجزيرة وانا سعيد جدا بالقرار بعد ان شعرت انه لا بد ان اتحرك خارج المؤسسة".

وفي سياق سياسة الجزيرة المقبلة قال خنفر: لن تغيّر الجزيرة من سياستها التي طورتها على مدار 15 عاما.

وأضاف مشاهدنا ذكي ومسيّس ولو لمح تغييرا في سياسة الجزيرة - حتى وإن كان ضئيلا - سنخسر ما حققته الجزيرة في 15 سنة بـ 15 يوما.

وحول اتهام الجزيرة بالازدواجية في التعاطي مع الثورتين السورية والبحرينية قال: أهم معيار في تقويم القصة الصحافية الوزن الاستراتيجي والسياسي. وعندما يكون لديك ثورة مثل الثورة السورية أو اليمنية ستتبنى موقف أن ما حدث في البحرين كان أقل وزنا من الثورتين المصرية والتونسية أو السورية.

وردا على سؤال حول اغلاق قناة جزيرة مباشر "مصر" قال كان قرارا مؤسفا, معربا عن امله "في ان لا يكون القرار سياسيا باستبعاد منبر اعلامي مؤثر في الشارع المصري".

وتاليا نص الحوار

* قرأ البعض خروج وضاح خنفر من قناة الجزيرة بانها إقالة رغم قولك أنها استقالة فماذا لديك لتقوله في هذا الموضوع?

- منذ حوالي عدة شهور كانت لدي حوارات عدة مع المسؤولين في مجلس ادارة المؤسسة, وخلالها طرحت رغبتي في الاستقالة بعد أن قضيت ثماني سنوات في العمل كمدير عام لشبكة الجزيرة, باعتبار انني قدمت ما استطيع, وان الجزيرة تعيش اليوم واقعا هو الأفضل ربما من السنوات الماضية.

واعتقد ان ثماني سنوات كافية لأي مسؤول إدارة أو قائد اداري لأن يقدم ما لديه من رؤية, وبالتالي, بعد ذلك قد لا يكون منصفا وعادلا للمؤسسة نفسها ولا للشخص اذا ما رأى انه قد استكمل هذه الرؤية, واصبح يعيش حالة جديدة, الا ان يتخذ القرار الذي اتخذته انا حتى من الباب النفسي والذهني. فبعد ثماني سنوات يبدأ الانسان يشعر ان هناك روتينا ونمطية في عمله. وفي تلك الحالة ينبغي له ان يفكر بالخروج. وانا اكملت الثماني سنوات وانا سعيد جدا بالقرار وكان لا بد ان اتحرك خارج المؤسسة.

* هناك من يقول إنها إقالة بتخريجة جيدة, أو أنك لم تُقَلْ, ولكن رأيت وفق قراءتك أن هناك ضغوطا على الحكومة القطرية من نوع ما فبادرت بنفسك الى الاستقالة?

- هناك عدد كبير من الاشاعات والتأويلات التي حدثت في الفترة الاخيرة, ولكن ما أقوله بإخلاص أني أدركت أن اللحظة الحالية هي الانسب بالنسبة لي أن أترك الموقع وان أسير في اتجاهات وتحديات جديدة. وهذا بناء على قراءتي أولا لما قد تحقق في الجزيرة, ولما قمت به شخصيا, ولطبيعة المرحلة المقبلة التي تحتاج أيضا الى إدارة للجزيرة قادرة ان تتقدم فيها نحو الامام.

هو تقدير شخصي انتهى بمشاورات مع رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة, فخرجت بتفاهم وتراضٍ وتقدير لما قمت به, وليست هناك أية إشكالية لا من باب الضغوط أو الدفع أو الاكراه.

* السوريون يقولون أن الجزيرة بعد وضاح خنفر ستختلف ..فهل هم على حق? كيف ستكون سياسة الجزيرة في الملف السوري?

- الجزيرة طورت في السنوات الـ 15 منهجا إعلاميا واضحا وأعلمنا به المشاهدين بل وكتبناه في شكل ميثاق شرف ودليل سلوك مهني واصبح هناك توقع لما ينبغي أن تكون عليه مؤسسة الجزيرة.

المعركة الكبرى التي خضناها منذ تأسيس المؤسسة هي استقلاليتها وبناؤها على أسس مهنية, فتوقع المشاهد ضروري جدا, لأنه لو لمح أو شاهد تغييرا في سياسة الجزيرة - حتى وإن كان ضئيلا - لعلمه وأدركه لأن مشاهدنا ذكي ومُسَيّس.

لذلك لا أرى أن الجزيرة قادرة على أن تتغير بهذه الطريقة التي يتحدثون عنها, فهي مؤسسة تراعي ليس فقط القواعد المهنية, بل وتوقعات المشاهدين.

نحن من دون المشاهدين لا قدرة لنا على الاستمرار, وما حققته الجزيرة في 15 سنة يمكن ان ينهار في 15 يوما لو قررت الجزيرة ان تتخلى عن موضوعيتها.

ولذلك أنا اشك في أن تغيّر الجزيرة من سياستها, وعندي ثقة أن المدير العام الجديد ورئيس مجلس الادارة وزملائي ان يستمروا بالمؤسسة فيما اسست عليه نفسها منذ 15 عاما.

وثائق ويكيلبكس

* سأنتقل إلى إشاعة أخرى حول استقالتك سمعت اولا وتتعلق بوثائق ويكيلبكس ولقائك مع الامريكان?

- هذه قضية تحتاج الى بعض الاضاءة, لانه أخذت وثيقة معينة من 400 وثقية أو أكثر تتحدث عن علاقة الجزيرة بالولايات المتحدة الامريكية, ولو أن القراء عادوا الى هذه الوثائق المنشورة اليوم على موقع "الجزيرة نت" لأدركوا حقيقة واضحة بان الولايات المتحدة الامريكية كانت تنظر الى الجزيرة بعين من التشكك والريبة طوال السنوات الممتدة من تغطيتنا لافغانستان الى نهاية جورج بوش, ولم يتخلل حتى تلك الفترة أية إشارة ايجابية حول الجزيرة, وكان هناك دائما اتهامات متصاعدة بانها تؤلب الرأي العام العربي وتبث اشرطة القاعدة واشرطة المقاومة في العراق.

وقد اتفقنا مع الامريكيين كما اتفقنا مع كل الذين راجعونا محتجين على تغطيات خاصة بالجزيرة, سواء روساً او صينيين او اوروبيين او افارقة او عرباً, على قاعدة بسيطة اذا كان الاحتجاج له علاقة بخطأ مهني وقعت فيه الجزيرة, فنحن قادرون على التعاطي مع الامر وتصحيحه, ويملي علينا ميثاق الشرف الصحافي ان نبين للمشاهدين الخطأ وربما نعتذر.

ولكن الاعتراض أو الاحتجاج ذا خلفيات سياسية القصد منه تلميع هذا الطرف أو ذاك الطرف, فاننا لسنا مؤسسة سياسية, وسنرفض أية املاءات أو ضغوط. وهو ما حدث طوال السنوات التي قضيتها في شبكة الجزيرة ولا تزال الجزيرة تمشي على السياسة ذاتها.

في تلك الواقعة الامريكيون احتجوا على شيء محدد نشره موقع الجزيرة نت وكان فيه خطأ مهني. ونحن صلحنا الخطأ المهني, ولكن احتجوا بعدها وقبلها على مئات الاخبار والتقارير والافلام الوثائقية التي لم نستمع لاحتجاجاتهم بشأنها لانه لا يرضينا أن نكون مطية لأي طرف في العالم لتلميع صورته.

المشاهد المنصف يدرك ان شاشة الجزيرة استمرت قبل وبعد 2005 في تغطية مستقلة, فهل كان الامريكيون راضين عن تغطيتنا لحرب لبنان في عام 2006م? هل كانوا راضين عن تغطيتنا لحرب غزة? او عن تغطيتنا للمقاومة في العراق? وويكيليكس تتكلم بالتفصيل عن ذلك. فلا يوجد أية مصداقية لهذه الاشاعة وهو ما تؤكده المعطيات.

سأقول لك بصراحة, أنا اسمي مدرج على قائمة الذين لا يُعطون تأشيرات لدخول الولايات المتحدة الامريكية, ودخلت إلى الان باستثناءات خاصة لفترات محددة لزيارات لعدة ايام ولكني اذا ذهبت الى السفارة الامريكية أرْفَض فورا من دخول الولايات المتحدة الامريكية.

أنا تقدمت من السفارة الامريكية بعدد من المرات للحصول على تأشيرات ورفضت, ولكن بسبب ان الجهات الداعية تدخلت عند الادارة الامريكية ووزارة الخارجية صدر ما يسمى باستثناء يعطى لمرة واحدة, ولعدد محدد من الايام, ولغرض محدد. ودخولي للولايات المتحدة ثلاث مرات تم بهذا الاجراء, واليوم ليست لدي تأشيرة لامريكا لانه دائما يقال لي ان اسمك مدرج على قائمة الممنوعين من السفر الى امريكا, وهذا ما تقوله السفارة الامريكية باستمرار.

عزمي بشارة

* كيف تنظر الى المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة?

- الدكتور عزمي بشارة أعرفه كمفكر وأعرفه كمحلل استراتيجي وسياسي, وشارك في الجزيرة بجهد كبير أثناء السنوات الماضية الأخيرة, كما شارك في تغطية أحداث الثورات العربية أو الظهور على الشاشة ومشاركته أثْرَتْ ما قدمته شاشة الجزيرة.

وإذا كنت ستسأل عن الاشاعة إن كان عزمي بشارة له علاقة باستقالتي ام لا? فأقول لك مرة اخرى واؤكد لك ان قرار خروجي من المؤسسة لا علاقة له بهذه الاشاعات, والدكتور عزمي شخصية مفكرة واعلامي وانا احترم هذا الدور واقدره, وقد تختلف معه وقد تتفق معه ولكن هذه ليست قضيتنا ولا علاقة لموضوعي من قريب او من بعيد بالجزيرة او خروجي من الجزيرة.

* الجزيرة كما تراها اليوم إلى اين?

- الجزيرة ستنطلق - كما قلت - في الشهور القليلة المقبلة بقنوات جديدة. ودائما أقول أن هذه المؤسسة التي أصبحت نموذجا للاعلام العالمي المستقل, لا سيما في مجال الاخبار والرياضة. وأعتقد أن أمامها مجالات واسعة للتمدد باللغات الاقليمية, وهنا أؤكد انه ينبغي لنا أن نخاطب الشعوب بلغاتها الام, وكذلك أتمنى ان تؤسس الجزيرة مستقبلا قنوات بلغة الاوردو أو الماليه لاندونيسا وماليزيا أو بعض اللغات الافريقية. واتمنى ان تكون هذه اللغات مقدَّمة على اللغات العالمية الاخرى كالفرنسية او الاسبانية, وذلك لاني اؤمن بان الشعوب تتأثر وتفكر بشكل أعمق عندما نخاطبها بلغتها الام. وليست اللغات العالمية, وهذه قضية جوهرية.

ثانيا الجزيرة تحتاج ان تتقدم في إطار الاعلام الجديد أو إعلام الشعوب من خلال الانترنت والإعلام التفاعلي, لأني أرى أن شاشاتنا بعد خمس سنوات من اليوم ستتغير كثيرا عما هي عليه الان. وينبغي أن تكون الجزيرة سباقة في تطبيق منهج إعلام تفاعلي, وأن تكون في العالم العربي هي الاولى التي تستثمر نجاحات الاعلام الجديد, لا سيما في تغطية الثورات لتنقل ذلك الى منهج متكامل مع منهج الحرفي الموجود في غرفة الاخبار.

ولا يبقى الجديد مجرد اعلام مواز يقوم به بعض من الشباب, ويجب دمجه في غرفة الاخبار ليصلح إعلاما مؤصلا له قواعد واضحة وموثقة.

ازدواجية أم معايير إعلامية

* تُتّهم الجزيرة بالازدواجية في التعاطي مع الثورتين السورية أو البحرينية مثلا. فما هو دفاعك عن هذا الاداء?

- المسألة عندما تجلس في سدة القرار في غرفة الاخبار وتنظر الى القصص المتاحة إليك, وتحدد الاولويات اعتقد أن اهم معيار في تقويمك سيكون الوزن الاستراتيجي والسياسي لكل قصة من هذه القصص. فعندما تكون لديك ثورة كما هو حاصل في سورية, وأخرى في ليبيا التي تحولت الى صراع دولي ثم اليمن ثم البحرين وغيرها. تبدأ بالنظر الى القيمة والأهمية التي تمثلها كل من هذه الاحداث. بتقديرنا جميعا في غرفة الاخبار, أن الذي حدث في البحرين والذي غطيناه منذ البداية, وبشكل متواصل من خلال مراسلين كانوا موجودين في الميدان, كان أقل وزنا من الثورتين المصرية والتونسية أو السورية كما هو الحال الآن. هذا هو السبب.

فالمشكلة; لم يكن من المعقول أيضا أن نعطي من الوقت والتركيز على ما يحدث في البحرين بالكمية من الوقت نفسها التي نوفرها للثورات الاخرى للاسباب التي تعرفها. فسورية مثلا هي قطب اساسي من أقطاب الثقل السياسي العربي, فعندما يحدث شيء في سورية له انعكاس هائل هو أكبر مما يحدث في البحرين.

ثم ان الذي حدث في البحرين أيضا غطيناه كاخبار وبقينا نغطّيه الى ان تحول الوضع في البحرين من انتفاضة في الشوارع واعتصام كان في ميدان اللؤلؤة, الى نوع من أنواع الجدل السياسي أو الصراعات والخلافات داخل البلد والتي نغطيها أيضا. والمنصف اذا نظر الى المسألة ليس بالضرورة ان يرى فيها جانبا سياسيا أو محاباة لطرف على آخر.

* بموازاة الاعلام هناك السياسة? فهل يعني حديثك انه لا ضغوط سياسية من اي طرف على قناة الجزيرة في هذا الملف?

- عندما كنت مديرا لقناة الجزيرة لم يتصل بي أحد ويقول لي لا تغطوا البحرين بالطريقة الفلانية وغطوها بطريقة ما. انا شخصيا من حيث كوني مسؤولا عن السياسة التحريرية لم يضغط علي. ولم نضغط على زملائنا ايضا.

ولكن إذا كان هناك ضغوط سياسية تأتي من جانب قطر فأنت تعرف ان علاقة قطر في تونس كانت جيدة وعلاقتهم بسورية كانت قوية, وهذا لم يمنع قناة الجزيرة من تغطية الاوضاع في تلك الساحات, بالشكل الذي رآه المشاهد على الشاشة.

لو كنا نحابي السياسة القطرية أو نتسلم هذه التعليمات القطرية ربما رأيت اضطرابا. فلو كانت الجزيرة أداة للعمل السياسي الخارجي لقطر ستصالح من تصالحه قطر وستعادي من تعاديه قطر. وبالتالي ستفقد مهنيتها ومصداقيتها.

قناة قطرية أم قناة في قطر

الجزيرة قناة قطرية أم قناة في قطر

* هل قناة الجزيرة قناة قطرية ام قناة في قطر?

- نحن نقول قناة الجزيرة في قطر, ولكن هل هي قطرية? السؤال إذا كان متعلقا بمنهج تحريري, فقد بنيناه كإعلاميين, وفقا لمعايير المهنة المتداولة في مختلف انحاء العالم. وليست مسألة لها علاقة بتوجهات سياسية قطرية أو غير قطرية.

هذه واحدة, أما على مستوى التركيبة فالقطريون موجودون في المؤسسة كموظفين وزملاء, ولكن لدينا 55 جنسية من مختلف انحاء العالم, وليست هناك غلبة لجنسية محددة تستأثر برأي او توجه محدد.

أما على مستوى التمويل, فنعم, قطر تمول الشبكة بشكل كامل, ولا يوجد أية مصادر تمويلية اخرى, على أن هناك رؤية واضحة من لدى المسؤولين القطريين منذ بداية تأسيس الجزيرة انه إذا اريد لهذه المؤسسة ان تنجح وتصبح ذات حضور كبير يجب ان ينأوا عنها من حيث الضغوط السياسية وان لا تصبح أداة للخارجية القطرية.

* كيف تعاملت ادارة الجزيرة مع الموظفين التي اجتاحت الثورات بلادهم?

- لدينا في قناة الجزيرة زملاء من اليمن ومن سورية والاردن ومن كل الجنسيات. ولو ان كل جنسية ارادت ان تنحى منحى محددا في تغطيتها للاخبار لاصبح للجزيرة في كل يوم شكل جديد وانماط متغيرة ومسيسة للتغطيات وهذا الكلام نحن نحاربه واتفقنا جميعا في هذه المؤسسة ان من حق الانسان ان تكون له رؤيته الشخصية وتقديره السياسي الخاص وحتى انتماؤه الايديولوجي الخاص, ولكن عندما يتعلق الامر بالشاشة, فالمرجعية المهنية والقواعد التحريرية المتفق عليها.

وقادة غرفة الاخبار من رئيس التحرير ومساعديه يتأكدون من انضباط التقارير والخبار من الضوابط التحريرية واذا وقع من زميل ان استخدم تقريره او خبره لعكس وجهة نظر شخصية يتم تصحيح ذلك ومحاسبته.

العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة