صحيفة العرّاب

كبار روائيي مصر : السادات أهان نصر أكتوبر

 الرفاعي" لجمال الغيطاني ، "الحرب في بر مصر" ليوسف القعيد، " نوبة رجوع " لمحمود الورداني، " أنشودة الأيام الآتية " لمحمد عبد الله الهادي، "السمان يهاجر شرقاً " للسيد نجم، أسماء لروايات مصرية تناولت حرب أكتوبر وتجربة الانتصار، وقد حاور محيط مؤلفي هذه الروايات ليقف على رؤيتهم بعد 38 عاما من معجزة المصريين الخالدة . 

 

وقال الأديب الكبير جمال الغيطاني صاحب رواية "الرفاعي" أن تجربة الحرب لم يُكتب عنها إلى الآن بشكل كاف وعميق، ورأى أن النتائج السياسية للحرب أثرت على الأدب . وعن روايته يقول الغيطاني أنها رواية توثيقية، صاحبها العميد أركان حرب إبراهيم الرفاعى وهو فرد مقاتل استثنائي تعرف إليه الأديب حين كان ضابطاً، وقد أسس سلاح الصاعقة في الجيش المصري، وتميز بالفدائية، وبعد نكسة 1967 أسس المجموعة "39 قتال" التابعة للمخابرات الحربية وسميت كذلك لأنها قامت بـ 39 عملية خاصة ضد إسرائيل، كبدتها خسائر طائلة.

 


يواصل : خرجت مع الرفاعي في عمليتين وكنت مبهوراً به، وقد استشهد يوم 19 أكتوبر، فلم أرد له النسيان لذلك قررت الكتابة عنه عبر أشكال متنوعة، كالمقالات، والقصة قصيرة التي حملت عنوان "سيرة عبد الله القلعاوي"، ورواية "الرفاعي" ولكتابتها سألت عنه جنوده ومن التصقوا به، وكنت دائماً أصفه بأنه مقاتل جاء العالم للدفاع عن الوطن، واكتشفت أنه يتميز بالخجل والوداعة، رغم شراسته في القتال، كما كان مثقفاً وقارئاً، يستمع إلى الموسيقى الهادئة، وقال الغيطاني: سيظل يسكنني وأعيش به.

 

في الرواية يصف أحد الشخصيات الرفاعي قائلاً: "كان هادئاً وبسيطاً ونفسه حلوة ولم يتعال على مخلوق ولم يجرح إنساناً بلفظ، ولم يخدش أذناً بكلمة، وقال إنه كان قاسياً فيما يتعلق بالقتال، يوقع الجزاء على الجندي ويضعه في السجن ثم يستقصى أحواله من بعيد ليعرف إذا ما كان حبسه سيؤثر على نفسيته عند الخروج لملاقاة العدو؟، وفي أحد الأيام زعق لأحدهم لأن زرار قميصه مقطوع قال أن من ينسى زرار القميص فإنه ينسى تركيب كبسولة التفجير، هكذا يروح الجهد ويضيع".

 

أما الأديب البارز يوسف القعيد فقال : "لي ثلاث روايات عن حرب أكتوبر، وأرى أن النقاد يستعجلون أعمالاً عن أكتوبر، رغم أن رائعة تولستوي "الحرب والسلام" كتبت بعد 75 عام من انتهاء الحرب" ، وأشار القعيد إلى أن سعي السادات للتصالح مع إسرائيل والاستثمار السيئ للحرب أدى إلى تراجع الكتابة الأدبية، وسيشهد النصر كتابات أكبر عن أكتوبر إما من أجيال تالية أو مقاتلين لم يسجلوا شهاداتهم.

 

أعمال عديدة تناول القعيد من خلالها حرب أكتوبر منها "الحرب فى بر مصر" و"فى الإسبوع سبعة أيام" و"تجفيف الدموع" و"حكايات الزمن الجريح" و"أطلال النهار"، كان القعيد مجندا فى مستشفي، لهذا لم يكتب عن المعركة ذاتها، لكن عما حدث من تداعيات فى نفوس الجنود، والناس عامة، فكتب عن الجنود باعتبارهم بشرا عاديين، فى وقت كان الإعلام المصري، يتعامل معهم على أنهم أبطال، مشيراً إلى أن أكتوبر حوّله النقاد إلى شهر السؤال وليس شهر الحرب.


تذهب روايته "الحرب في بر مصر" التي حازت على المرتبة الرابعة ضمن أفضل مئة رواية عربية إلى أن هناك مصريين ضحوا بأرواحهم في الحرب، في حين ذهبت العائدات المترتبة على النصر إلى طبقة الأثرياء التي لم تشارك في الحرب بل تهرب أبناؤها من التجنيد.

 

رواية القعيد ظلت ممنوعة من مصر من عام 77 إلى عام 85 وكان المنع بسبب محتواها السياسي لأنها تقول أن الحرب قام بها الفقراء وحولها الأغنياء إلى مشروع استثماري ولهذا طبعت الرواية في بيروت وفي فلسطين المحتلة وبغداد والسودان والجزائر ولم تطبع في مصر إلا بعد ثمان سنوات.

 

وثالث الأدباء الذين تحدثنا إليهم كان محمود الورداني صاحب رواية "نوبة رجوع" وقال أن تجربة النصر أهدرت وأهينت بسبب انقلاب السادات عليها، وتوقيعه معاهدة السلام، فلم يكن هذا بدافع الحفاظ على مصالح المصريين بل للحفاظ على مصالح الطبقة الحاكمة، وبسبب السادات تم إهانة أهم تجربة في حياة الشعب المصري في العصر الحديث، لا تتجاوزها سوى تجربة ثورة يناير.

 

لم ينتقد الورداني في حديثه تعامل الأدب مع الحرب فقط، بل امتد كذلك إلى السينما التي تعاملت مع تجربة الحرب بشكل مهين، على حد قوله، وهكذا الأوبريتات الغنائية التي تناولت النصر، في حين أن الشعر هو الذي نجح أن يعبر عن التجربة لأنه تناولها وهي طازجة، وبشكل عام يؤكد الورداني أنه لم يقرأ شيئاً ويستمتع به عن حرب أكتوبر، حتى روايته نفسها.