صحيفة العرّاب

حكومة التأزيم يجب أن ترحل!



ما هذه الحكومة الفاشلة التي ابتلي بها الأردن؟ ولا زالت صامدة حتى اليوم؛ رغم كل المآسي التي تسببت بها وكل التشوهات التي أحدثتها، والاحتقان الذي صنعته، وبات انفجاره وشيكاً ؛ بعد كل هذه الخطوات "الغبية" التي أقدمت عليها "حكومة التأزيم" التي ضلّ سعيها في البلاد وهي تحسب أنّها تحسن صنعاً، وصارت من "الأخسرين أعمالاً"، ووجب رحيلها قبل أن تودي بنا نحو ما هو أسوأ وأخطر.

 

وأينما تلتفت اليوم تجد "أزمة" من صنع الحكومة التي أصبحت "كالذي يتخبطه الشيطان من المسّ" لا تدري أتشرق مع المشرقين ام تغرّب مع المغربين!! واليوم مشهد ساخر آخر يشي بعمق المأساة التي أوصلتنا لها الحكومة بقصة استحداث البلديات الجديدة، تقف عاجزة أمام سخط شعبي خرج للتعبير عن غضبته على القانون الجديد بقطع الطرق بالحجارة وحرق الإطارات والتلويح باستخدام السلاح في وجه أي تدخل حكومة لا يرضي الجميع.

 

منذ اليوم الأول لتولي البخيت قيادة المرحلة الصعبة التي تمرّ بها البلاد شعر كثيرون بعدم التفاؤل من شخص الرئيس ابتداءً وما تلطخت به يداه وسمعته من قبل في الحكومة السابقة التي اشرفت على تزوير انتخابات 2007 بشقيها النيابية والبلدية، ولكن أحداً لم يكن يتصوّر أن تصل الأمور اليوم إلى هذه المرحلة الخطيرة من الـتأزيم، وأن تفقد الدولة هيبتها ويخرج كلّ مواطن لأخذ حقّه بيده، وربما باتت الأمور مؤهلة لما هو أصعب من ذلك، في ظلّ حراك إصلاحي بدأت وتيرته تزداد خلال الأسابيع الماضية، في ظلّ غليان شعبي هائل.

 

متتالية مضحكة مبكية من "المهازل السياسية" التي مارستها الحكومة خلال الأشهر الماضية، ومهزلةٌ واحدة منها كانت كفيلة بإسقاط الحكومة، ولكن للأسف كأنّ شيئاً لم يكن ولا زالت تستمر الحكومة في ارتكاب المهازل الواحدة تلو الأخرى، أمام سخط شعبي عارم لا يلتفت له صانع القرار الأردني، ولا ندري لماذا ما زالوا يراهنون حتى اللحظة على حكومة معروف البخيت؟!.

 

مهزلة الاعتداء على (24 آذار) مرّت مرور الكرام، وتبعها مهازل اعتداءات أخرى كثيرة على الحراك الإصلاحي، ومهزلة تهريب شاهين وإعادته مرّت كسحابة صيف ما لبثت أن انقشعت، ومهزلة التعديلات الدستورية مرّت كأنّ شيئاً لم يكن، ومهزلة الانتخابات البلدية اليوم تعيد الحكومة  لمأزق جديد، ولا نتوقع أن يؤثر على هذه "الحكومة المتعجرفة" التي يبدو أنّها الثابت الوحيد والأقوى في المشهد السياسي الأسود الذي يخيّم على البلاد، في ظلّ تجاهل واضح لكلّ المطالب الشعبية.

 

لقد ملّ الناس من كلّ شيء وعرفوا أنّ الفرصة اليوم هي الوحيدة المواتية لنيل الحقوق والمطالب المشروعة في ظل وجود "حكومة دجالة" لا تملك سوى شيكات الوعود المؤجلة التي لن يتم صرفها ولا حتى في الأحلام؛ حيث بات جليّاً وواضحاً أنّ الحكومة غير صادقة وغير جادّة في الإصلاح، او حتى في الاستجابة للمطالب المشروعة لقطاعات واسعة من الشعب الأردني على بساطتها، وحساسيتها لأنّها تمس حياتهم اليومية.

 

لا يملك أي مراقب يشاهد هذا التخبط الحكومي إلا أن يحكم عليها بالفشل الذريع في ظلّ عجزها عن قيادة هذه المرحلة الصعبة إلى برّ الأمان، وفشلها في إدارة شؤون الدولة بشكلٍ عام فضلاً عن عجزها في إدارة الملفات الساخنة والعاجلة التي لم يعد الشعب الأردني يطيق صمتاً عليها.

 

حذّر كثيرون من مخاطر التلكؤ الحكومي في الاستجابة لمطالب الإصلاح العاجلة، وأظهروا مخاوف كبيرة من ممارسات الحكومة التي تعرقل مشروع الإصلاح، وتزيد في احتقان الناس وتجعلهم يرون في النزول إلى الشارع (آخر العلاج الكيّ) لتحقيق مطالبهم ومصالحهم التي تمارس الحكومة الالتفاف والدوران عليها بالوعود والتطمينات التي ما عادت تنطلي على الشعب الأردني.

 

وها نحن اليوم نقطف ثمار سياسات "حكومة التأزيم" في ملف يفترض كما يرى البعض أنّه يجب أن يكون خطوة حقيقية مطمئنة للنّاس بشأن الوعود الحكومية ومشروعها الإصلاحي فيما يتعلق بملف "الانتخابات البلدية"، وبدل أن يكون هذا الملف "عربون" صدق من الحكومة في وعودها للأردنيين، أصبح هذا الملف "أزمة" توشك أن تفجّر الأوضاع باتجاه تصعيد شعبي لا يمكن التنبؤ بعواقبه.

 

سياسيون وصحافيون ومفكرون واستطلاعات رأي قاربت من تشكيل رأي عام يؤكد أنّ الحكومة لم تحقق شيئاً على مدى الأشهر الماضية لتنال ولو حظاً بسيطاً من ثقة الشارع الأردني، وبات لزاماً رحيلها، وآخرون يدعون الحكومة لاتباع سياسات خلاّقة للخروج من هذا المأزق؛ ولكن للأسف يبدو أنّ الحكومة و"عباقرتها" لا أحد منهم يمتلك رؤية أو "فكراً خلاٌّقاً" لحلّ هذا الأزمة، بل على العكس فإنّ تأكيدات المراقبين ترى أنّ الحكومة تمارس أفعال ارتجالية تخرجها من حفرة لتصطدم في مطب ولا تمتلك الحكومة أي حلول حقيقية للأزمة الراهنة!!.

 

لجوء المجاميع الشعبية بما فيها الحراكات الإصلاحية للشارع ينبئ بمستقبل قاتم ومجهول، في ظلّ استمرار "حكومة التأزيم" في أخذ المشهد إلى مربعات وسياقات تدفع الجميع لمحاولة أخذ حقّه بيده، واستعمال العضلات بعد لجوء الحكومة إلى خيارات "غبية" لا تتماهى ولا تتقاطع مع مطالب الشارع الأردني بالحرية والكرامة التي يلمسها الجميع على أرض الواقع، وليس وعود السراب التي تمارسها الحكومة صباح مساء.

 

الغليان الشعبي بات في أوجه، ونحن بانتظار جمعة قادمة تتوحد فيها الحراكات الإصلاحية الكثيرة التي تعمّ أرجاء البلاد على المطالب والشعارات التي غدت بلا سقوف، ولن يخفف من هذا الاحتقان والغليان الشعبي سوى المبادرة بحل "حكومة التأزيم"، والتوافق على "حكومة إنقاذ وطني" تخرجنا جميعاً من هذا النفق الأسود الذي أدخلتنا له "حكومة البخيت التأزيمية".