صحيفة العرّاب

فرسان الحق... لكم تحية

  بقلم ......يسري غباشنة

  إنكم نشامى الوطن ودرته، والوطن هنا الأرض والشعب والنظام والمؤسسات الناظمة للحياة العامة، ومنها الدوائر الأمنية وتحديدا دائرة المخابرات العامة، هذه النخلة الباسقة التي ما فتئ البعض القليل رميها وقذفها بتهم كل يوم وليلة حتى يكاد السامع خارج الأردن أن يصدق بأنه إذا عطس أحد ممن يدعون بالمعارضة أو تنحنح فإن للمخابرات ضلعا في هذا العطاس أو النحنحة، وإذا ( نفّس) عجل سيارة أحد هؤلاء فهذا من تدبير المخابرات، وإن( فطرز) أحد منهم على الرصيف وهو سائر، فإنهم يعزونه إلى مؤامرة من المخابرات حيكت بليل. إنهم يقزّمون الدور النبيل الذي تقوم به دائرة المخابرات العامة ويحصرونه في زاوية ضيقة من نسج خيالهم وافتراءاتهم التي لا يملون تسويقها في (شرايطهم) ولافتاتهم، ولا يملون كذلك من ترويجها إعلاميا في الفضائيات والمواقع الإخبارية التي تتلقف كل ما يسيء إلى المؤسسات الأمنية الأردنية الأمينة على استقرار الأردن وشيوع الاطمئنان في ربوعه.

وبما أن سطوع الشمس لا يغطى بغربال ولا بمُنْخل كما يقال، فإننا لانستطيع حجب دور هذه المؤسسات عن الأعين؛ سواء المخابرات  أو الجيش العربي الأردني الذي يعد مفخرة في إسهاماته المختلفة دوليا أو إقليميا أو عربيا؛ ومن أغرب ما نسمعه من تناقضات تلك الاتهامات التي تدل على انفصام في التفكير ووجهات النظر؛ فإذا كان للجيش دور إنساني في إفغانستان أو البحرين يتهم بأن هذا ليس الدور المنوط به، وفي الوقت نفسه يطالبون أن يكون للأردن عمق عربي وإسلامي؛ وكما قال جلالته: نحن حماة حدود لا حماة شوارع. وإذا كان أطباء الجيش العربي موجودين في إفغانستان فإنهم موجودون أيضا في غزة هاشم، فلمَ تحرّمون ما في إفغانستان ما تحللونه في غزة؟!

ولكن هي هجمة على هذه المؤسسات التي تتسم بطول النفس وسماحة الأخلاق وحسن التصرف والاحتواء الذي فشل الآخرون به، فاستبيحت الأعراض هناك، وتحولت تلك الدول إلى نسخ مكررة من الصومال؛ اقتتال وميليشيات مسلحة استحلت الحل والحرم، وانهيار منظومة الأمن حتى بات المواطن فيها غير آمن على أي شيء يملكه، فانتقلوا من ديكتاتورية الحكم والتخلف إلى فوضى الشوارع؛ إنّ الفساد لا يصلح فسادا بل هو انتقال من وجه كالح للفساد إلى الجانب الآخر من الوجه الأخطر عاقبة؛ لأن انهيار الأمن يعقبه مباشرة انهيار الدولة كلها في ظل أحداث تعصف بالمنطقة كلها، وخنازير البشرية من بني يهود وصهيون ينتظرون بفارغ الصبر أيّ حدث يضعف الأردن وأي دولة عربية أخرى لينقضوا انقضاض الذئب والضباع على أسد جريح.

فرسان الحق هم من بني جلدتنا وقرانا وأريافنا وبوادينا، إنهم من نجحوا في تفكيك المنظمات الإرهابية واحدة تلو الأخرى، وإحالة عناصرها إلى القضاء، وهم ذاتهم العين اليقظة التي ترصد كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن والمواطن، خاصة وأن هذا البلد مستهدف منذ اغتيال الملك المؤسس، والشهيدين وصفي التل وهزاع المجالي، وليس انتهاء بالرديسون ساس وحياة عمان من قتل مواطنين أبرياء رحمهم الله جميعا. هذا غيض من فيض ما تقوم به هذه الدائرة من جليل الأعمال التي يتغاضى عنها وعن ذكرها هذا البعض الذي يتوهم أن تجميل وجهه ورأيه يمرّ من خلال تشويه وجه الآخرين وصورتهم.

فرسانَ الحق، أحني هامتي، ورأسي مرفوع عاليا احتراما لكم وعرفانا بجهودكم ورسالتكم وتقديرا لنبل أخلاقكم وسموها؛ شاء من شاء وأبى من أبى.