صحيفة العرّاب

"اشباح افغانستان".. كتاب يكشف حقيقة بلد استعصى على الغزاة

 "اشباح افغانستان..الحقائق القاسية والأساطير الأجنبية" كتاب جديد لجوناثان ستيل يحوى خلاصة خبراته الصحفية التى امتدت سنوات فى بلد تحول الى كابوس للولايات المتحدة والغرب مثلما انهك من قبل الاتحاد السوفييتى السابق .

 

واستدعى المؤلف جوناثان ستيل اشباحا مخيفة من التاريخ فهاهو جنكيز خان وقبله الأسكندر الأكبر وسلسلة طويلة من عتاة المحاربين الذين كان بمقدورهم غزو افغانستان لكنهم ام يستطيعوا ابدا الاستمرار فى احتلال هذا البلد.

 

وبرهن جوناثان ستيل على انه استفاد من خبرته فى تغطية الأحداث لعدة سنوات فى افغانستان حيث جاء الكتاب الجديد مثالا للقدرة على الفرز والتمييز بين الأساطير وانصاف الحقائق التى يروجها بعض الساسة والجنرالات والمعلقين وبين الحقائق القاسية والراسخة على الأرض وفى الواقع الأفغانى.


ومن الأساطير التى فندها ستيل فى كتابه تلك الأسطورة التى تقول ان القضاء على حركة طالبان يعنى اجتثاث مخاطر الأرهاب موضحا ان هذه الأسطورة حالت دون بناء استراتيجية امريكية معقولة فى افغانستان.

 

وكما يقول دبلوماسى محنك هو رودريك بريت وايت ومؤلف كتاب "الروس فى افغانستان" فى سياق تناوله بصحيفة الأوبزرفر البريطانية لهذا الكتاب الجديد اذا كان السوفييت قد غرقوا فى مستنقع افغانستان فان الأمريكيين بدوا منهمكين فى تكرار 
اخطاء اعدائهم السابقين.


ومن الطريف ان السوفييت اطلقوا بالفعل اسم الأشباح على المقاتلين المناوئين لهم فى افغانستان ابان سنوات الثمانينيات من القرن العشرين حيث كانوا يذوبون وسط السكان المدنيين نهارا ويوجهون ضرباتهم الموجعة ليلا وهو الأسلوب ذاته الذى ينتهجه المقاتلون المناوئون للقوات الأمريكية والغربية فى افغانستان اليوم.

 

وتكاد التيمة الرئيسية للكتاب تتمثل فى التشابه اللافت بين التجربتين السوفييتية والأمريكية فى افغانستان والدروس المستفادة من اخفاق هاتين التجربتين فيما ينوه جوناثان ستيل بأن بعض القادة الشيوعيين الأفغان كانوا من اصحاب النزعة الاصلاحية غير انهم كانوا ايضا اصحاب نزعة دموية تسببت فى نفور شعبى ومقاومة واسعة وخاصة فى الريف .

 

وعلى الرغم من التأكيدات الرسمية المستمرة على احراز الولايات المتحدة لتقدم فى الوضع الأفغانى فان جوناثان ستيل يؤكد فى المقابل على عدم دقة هذه الادعاءات معتبرا ان حركة طالبان هى التى تتقدم.

 

وينعى مؤلف الكتاب جوناثان ستيل الجهود الفاشلة للولايات المتحدة وحلفائها فى بناء دولة افغانية قابلة للحياة على اطلال الدمار المادى والمؤسسى والانسانى الذى خلفته ثلاثة عقود من الحرب الأهلية والتدخلات الخارجية فى افغانستان.

 

ويلاحظ جوناثان ستيل ان ابرز اوجه الفشل فى افغانستان تتجلى فى اوضاع النساء مشيرا الى انه حتى اولئك القادة الأفغان الذين يمكن وصفهم بأنهم من الاصلاحيين فشلوا بشدة فى محاولات تغيير اوضاع المرأة الافغانية .

 

وخلص ستيل الى ان المخرج الواقعى للأمريكيين من المستنقع الأفغانى هو الالتزام المخلص بتسوية بعيدة المدى بين الحكومة الأفغانية الموالية لواشنطن واعدائها وفى الطليعة حركة طالبان وبصورة تضمن عدم اندلاع حرب اهلية جديدة بعد انسحاب القوات 
الأمريكية والأطلسية من هذا البلد المستعصى على كل الغزاة .