صحيفة العرّاب

الفيصلي والوحدات .. صناعة الكراهية !

 تعلمنا منذ الصّغر أن العقل السليم في الجسم السليم، والرياضة تهذب النفس والسلوك، وتسمو بالأخلاق، وتحيي التنافس الشريف والروح الرياضية!

وحين تخرج الرياضة عن أهدافها النبيلة، ومعانيها الإيجابية، وتصبح وسيلة لتكريس الإقليمية والعنصرية البغيضة في عقول شبابنا، وتتحول المباريات إلى أداة لغرس الشحناء والكراهية، وينقلب التشجيع إلى خنجر مسموم يقتل فينا وحدتنا وأخوّتنا!

فلا بد من موقف حازم يعيد الأمور إلى نصابها، ويعالج هذه الظاهرة المقيتة التي أصبحنا نعاني منها في مجتمعنا.

والمؤسف حقا أن تشارك بعض وسائل الإعلام في تعزيز هذا الشرخ الاجتماعي، وزيادة الاحتقان والتهييج لللّاعبين والمشجعين على حدٍّ سواء، وكأنهم مقبلون على معركة لاسترداد كرامة مغتصبة، أو الانتقام وتلقين الفريق المقابل درسا لن ينساه!

كل هذه الشعارات والهتافات التي يتداولها مشجعو الفريقين، تدقّ ناقوس الخطر، وتكشف عن حالة من الفراغ الروحي والعقدي، وضياع في بوصلة الانتماء الصحيح، والشعور بوحدة الجسد، كما أن ما نشاهده يحكي تقصيرا في دور المؤسسات التربوية والشبابية والمساجد في غرس المبادئ الصحيحة والمعاني الحقيقية للرياضة.

قرأت فيما مضى أن الرئيس الراحل صدام حسين أمر بدمج ناديي الكرخ والرصافة في ناد واحد، بعد أن كانا سبباً للعصبية والعداء بين الشباب العراقي.

وحيث أصبحنا جميعا نرى في كل مبارات بين فريقي الوحدات والفيصلي ـ تقريباـ ألوانا من التعصب الإقليمي المقيت، والشحناء والبغضاء بين شبابنا، وخروجا عن الهدف الذي أنشئ لأجله هذان الناديان، فإننا نطالب القائمين على وزارة الشباب، والكرة الأردنية اتخاذ إجراء حاسم، يعالج هذا الداء الذي أصابنا، وينزع السُّـمّ الذي بدأ يتغلغل في عروقنا ويهدد جسدنا، حتى ولو استلزم العلاج دمج هذين الفريقين أو إغلاقهما واستبدالهما.

قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)

وأمرنا الله بالاجتماع وحذّرنا من النزاع قائلا سبحانه: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)كما حذرنا من أن يكون حالنا كحال بني إسرائيل : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ).

أيها الشباب: أنتم عصب الحياة، وصمام الأمان، أنتم معقد الآمال، لا عصبية لنا إلا لله ورسوله، ولديننا، ولا عزّ لنا إلا بأخوتنا، فنحن جسد واحد، وأمة واحدة، وأبناء بلد واحد، نربأ بأنفسنا وثقافتنا وعقولنا أن تطيش لأجل مباراة كرة

.....ضياء الدين العطيات