يتساءل كثيرون عن السبب الذي دفع بمدير الأمن العام حسين المجالي لترك موقعه الإستراتيجي والذهاب الى المفرق للقيام بدور عادي ممكن لكثيرين ممن هم أدنى منه رتبة وأكثر خبرة القيام به ! وكذلك مالسبب الجوهري الذي يجعله على مرمى حجر من المتظاهرين ؟ وهل الإعتداء على شخصه بضربه بحجر في الرأس يمس هيبة الجهاز الذي يديره ؟!
هل الواجب يحتم عليه التواجد بمثل هذا االمكان والتوقيت ؟ وهل مارس حقه بالدفاع عن النفس وتبادل قذف الحجارة مع المتظاهيرن ؟ وهل كان يحمل ترساً ليقي نفسه كما يطلب من مرؤسيه او يجيد إستخدامه ؟ وماهي ردات فعل من كان بمعيته ؟ وهل تركت تلك الحادثة أثر سلبي أم إيجابي ؟
هل كان يمتلك معلومات كافية عن الوضع وقام بتحليلها تحليلا دقيقاً وقراءتها قراءة جيدة ؟ وهل كان في مخططه حماية المتظاهرين اللذين يمارسوون حقاً مكفول لهم بالدستور ؟ وحماية مقرّاتهم المرخصة قانوناً ؟ وإلقاء القبض على الخارجين على القانون للخروج من العملية بأقل الخسائر والأضرار ؟!
هل التعامل مع القضية وتداعيتها كان ناجحاً ام فاشلاً بإمتياز ؟ وإذا كانت كذلك من الذي يتحمل المسؤولية ؟ وهل الإجراءات الذي تمت تحت سقف القانون وحافظت على هيبة الدولة ؟ هل يحق لفئة ان تحجر على رأي فئة أخرى على مرآى ومسمع مدير الأمن العام ؟
المكان الذي يشغله مدير الأمن العام بمثابة العقل للجسم ، الذي جعله سبحانه وتعالى في آعلى قمته ، وله من ذلك حكمة بأن يسيطر على كل الحواس ليرى كل ما يدور حوله ، وأخضع جميع الأعضاء لراجاحته دون إمتلاكه قوة او عضلات لتأمين سلامة الجسد ، التنازل عن هذا المكانة يعني إختلال المعادلة والبديل الفوضى ، وأين هو التسلسل الهرمي في قيادة الأمن العام والذي من المفترض ان يكون بمثابة العصب ، وهل يمكن إختزاله في شخص المدير ؟ وهل مرد ذلك عدم ثقة أم من باب الإستعراض ؟
لماذا فشلت مهمة رجال الأمن على الرغم من كل التحضيرات والعلم بسخونة الموقف ، وقيل ان الإحياطات التي أتخذت غير مسبوقة ، والتي لم تؤمن حماية المتظاهرين ومقرّات الأحزاب من العبث والحرق ، وماهو دور الأجهزة الأخرى .
من المسؤول عن تفشي ظاهرة البلطجة التي آخذت تنتشر على مساحة الوطن ، ولماذا لم يتم التصدي لهذه الفئة على إعتبار انها خارجة على القانون ، وهل وجودها مشكلة أم حل ؟!
تراكم الأخطاء وتواترها يعني السير نحو التأزيم والإحتقان ، وهناك مشكلة عانى منها جهاز الأمن العام ليس بسب أفراده ، وإنما بسبب قياداته ، لأفتقارهم للخبرة المكتسبة بحكم التجربة والممارسة ، او لإعتمادهم على من لا يمتلكون مثل تلك الصفات ، نقل عن احدهم ومدى إستخفافه بالقانون وقدرته على مداركه الشخصية بأن شبه مواده بنمرة حذائه .
جهاز الأمن العام مدني على تماس مع المواطنيين ، وما يحكم العلاقة بين طرفيها القانون ، الذي كفل حقوق المواطنيين وواجبات تلك المؤسسة حيالهم ، ولا داعي للمجاملة والتبرير طالما كان سيد الموقف ، وفي اعرق الديموقراطيات للشرطة دور تمارسه والحلال بين والحرام بين .
إسناد مثل تلك المهمة لمن لا يمتلك مثل هذه الرؤية ، او الاعتماد على أشخاص لكينونتهم أو ذواتهم أو لأي شيء آخر ، وإعتماده على من لا يمتلكون الجرأة في التعبير عن الرأي الصحيح ، ولجوئهم الى المجاملة للحفاظ على المكاسب سيوقعنا بكثير من المطبات .