صحيفة العرّاب

الاعلام الاردني..عنصرية ونظرات جنسية ودونية واقليمية وقلة الخبرات ومحدودية التدريب.

  -محمد شما 
الإعلام متآمر على المرأة العربية، فحتى تهميشها جزء من المؤامرة”، هي كلمة ارادت بها الناشطة في حقوق المرأة لينا جزراوي، التعليق على كيفية تعاطي الإعلام مع قضايا المرأة. 

“إن وجد الإعلام ما ينشره عنها فقد يكون مسيئا لها، مثل قراءة أخبارا متعلقة بجرائم الشرف حيث الرواية تكون للقاتل الجاني دائما والمرأة تبقى الضحية الخاطئة للأسف هكذا هو حال كثير من الإعلام”، تقول لينا.

لا مكانة للمرأة 

ينُظر للمرأة في الإعلام من جانب جنسي وتحديدا في الإعلانات التجارية وهو ما يسيء للناشطة جزراوي والنساء عموما، والتي كتبت العديد من المقالات التي تناولت حقوق النساء من باب أنها مواطنة لا تقل كفاءة عن الرجل. 

وتتابع لينا أن الإعلانات التي ينشأ الأطفال عليها تكرس صورة سلبية عن المرأة كونها تظهر النساء بوصفهن سيدات مطبخ ومدبرات منزل ومنظفات المنازل أو حتى ثرارة، هناك كم من الأحكام والتشوهات التي يظهرها الإعلام بحق النساء فما بالنا عندما تكون مواد إعلامية تسعى إلى التأثير. 

الإعلام بوصفه أحد مكونات التنشأة الاجتماعية قد يكرس صورة سلبية، ما يزيد الأمر سوءاً هو عدم مبالاة النشطاء أو الأناس العاديون من خلال الاحتجاج لدى إدارات المؤسسات الإعلامية. 


ولم تسُجل شكاوى من قبل نشطاء حقوق الإنسان عند إدارات الصحف أو التلفزيونات أو الإذاعات حول ما يبث من إساءات بحق النساء على وجه التحديد، وتقر هنا لينا جزراوي أن التقصير وارد لكن ثمة جيل من النشطاء أكثر جرأة على طرح قضايا المرأة بما يتناسب مع تطورات العصر من خلال الاعلام الاجتماعي يمارسون في قضائهم الحر. 


تعد جزراوي أن تهميش المرأة جزء لا يتجزأ من أشكال التمييز بحقها، وتضرب مثلا على نفسها التي لا تجد مقالاتها فرصةً للنشر في وسائل الإعلام الأردنية لتجد مكانها في الإعلام العربي، ”فيكون رد القائمين في الإعلام المحلي هو أن الطروحات لا تتناسب والواقع الراهن”. 


قد لا تختلف نظرة الصحفي عند كتابة تقريره عن نظرة ابن المجتمع ”هل تنعكس الصورة في الإعلام قد يكون ذلك”، وفق لينا، وتضيف أن بعض الصحفيات قد يكتبن بمنطق الذكورية. 


عمالة مهاجرة وعنصرية التناول 

وعلى ذات النسق، ترى مديرة مركز تمكين للمساعدة القانونية، ليندا كلش، أن الصحفي ولكونه جزء من المجتمع فنظرة البعض منهم للعمالة المهاجرة تكون دونية وتنعكس بالتالي على منتجهم الصحفي، ”هناك عنصرية بحق العمال المهاجرين ولا أحد يستطيع اخفاءها”. 

وتسرد كلش مثلا ترصده في الإعلام ويتمثل بكيف يغطي الإعلام حادث وقع لعامل مهاجر بحيث لا يلقى نفس الاهتمام إذ وقع لعامل أردني، وتقول: “ببساطة المتابعة للعامل المهاجر لا تكون شاملة وفي كثير من الأحيان تتم صياغة أخبار على اعتبار أن العامل مجرم ومذنب قبل صدور حكم القضاء؛ بمعنى البريء متهم في الإعلام”.


يتم اعتبار الحقوق امتيازات اضافية للعمالة المهاجرة، على ما تقول كلش حيث تواجه دائما أحكام مسبقة من قبل الصحفيين وتروي حادثة حصلت معها: “في مؤتمر صحفي عقدته مؤخرا مع منظمة هيومان رايتس ووتش حول أوضاع العمالة المنزلية واجهت محاكمات من قبل الصحفيين، من قبيل أن حقوق العاملات أكثر من حقوق المواطنين، والامتيازات اللاتي يتمتعن بها أكثر من ابناء البلد فعن أي حقوق تتحدثون..وهكذا”. 



مثليو الجنس وقلة المصطلحات 

في السياق آخر، يرى الدكتور موسى برهومة ومدير موقع في المرصاد، أن وجود العنصرية في منتج الصحفيين سببه قلة الخبرات ومحدودية التدريب المتعلق بمفاهيم العنصرية، ”هم لم يتلقوا تدريبا حول التمييز العنصري في الإعلام، فالخبرات التي يتلقونها لا تتعدى الفنون الصحيفة”. 

لا اعتقد أن ثمة اخطاء مقصودة من قبل الصحفيين بل نتيجة جهل معين أو جهل بالقوانين. 

“اذكر عندما كنت رئيسا لتحرير صحيفة الغد وصلتنا شكوى من ناشطة تدين فيها اعتبار مثليي الجنس شواذا وغيرها من الألقاب المسيئة وهذه احكام مسبقة وفيها الصحفي فرض خلفيته المحافظة على هذه الفئة”.


وفئة المثليين ولكون هناك غياب المصطلحات حولها جعل الصحفي يمنحها أحكامه المسبقة، يقول برهومة. 

تدريب الصحفيين 

ويرى في مجلس شكاوى شملته الاستراتيجية الإعلامية التي صاغتها الحكومة السابقة حسما للموضوع، لكن ما هو مجدي أكثر هو تدريب الصحفيين على المهارات المختلفة وتحديدا تلك المتعلقة بحقوق الإنسان. 

ما يراه برهومة بالأكثر فضافضة في الإساءة والعنصرية هو عند كتاّب المقالات التي تعبر عن آرائهم، والتي تعتبر مقالاتهم في سياق حرية التعبير هي أخطر على المجتمع من الصحفي؛ فالكاتب يكتب آراؤه وما يخطر على باله، وهذه أمر خطير كون هناك مقالات تتضمن مواقف عنصرية، ولا يمكن محاسبتهم فكيف يمكن ضبط الموضوع فالكاتب يعبر عن رأيه الخاص. 



فكاتب المقال يكتب ما يشاء واسوق مثلا عن كاتب في احد الدول الخليجية يكتب ما يشاء ويشتم ما يشاء وعباراته تنزف عنصرية وشتائم ويعتبرونه الكاتب الاول في بلده، مصدر شعبيته من الشتيمة، وهذا مثال على خط حرية التعبير ووضع حدود. 

وبرهومة الذي يرى في ذلك أزمة أخلاقية في مهنة الصحافة وأيضا خلفية الصحفيين الذين هم أبناء المجتمع، يقول: علينا الاعتراف أن هناك وعيا متدنيا في المسألة العنصرية فمن خلال الكلام الدارج بين الناس لا يدركون معناها لكونهم لم يتعرضوا لخبرات سابقة تعليمية ما نريده باختصار معايير لضبط اللغة الصحفية. 

لا احد معصوم عن التمييز 

كتاب المقالات جزء من المجتمع رغم أنه ينبغي ان يكون أكثر وعيا وادراكا ورؤية وثقافة إلا أنهم قد يكون جزء لا يختلف عن ابناء المجتمع، تقول كاتبة المقال لميس اندوني. 



وما تراه اندوني بالضرورة، قانون يجرم العنصرية في الأردن “لا يمكن تجريم العنصرية في الإعلام ومن هنا يبنغي أن يكون هناك تيار مقابل يوضح معنى العنصرية لكون الأمور ليست واضحة”. 

ومقترح أندوني لامس ما تقوم به مجموعة القانون من أجل حقوق الإنسان “ميزان” من مساعي نحو صياغة قانون مقترح يجرم العنصرية والتمييز بحيث يعّرف التمييز ويجرم جميع أشكاله؛ الرأي السياسي والمستوى الاجتماعي والاعاقة أو أي فعل تمييزي. 

وتوضح المديرة التنفيذية لميزان، إيفا أبو حلاوة، أن مقترح القانون سيتضمن تعريفا واضحا لمبدأ المساواة وعدم التمييز وتعداد الأمور التي ينبغي عدم التمييز على أساسها وتجريمه. وتضيف أبو حلاوة أن القانون سيشمل أيضا على مسؤولية مؤسسات التي عليها أن تتعامل مع التمييز، “في دول العالم هناك ديوان مظالم خاص بمبدأ تكافئ الفرص أو عدم التمييز وعلى غراره كذلك سنقترح في الدراسة“. 

فالعنصرية قد تطال افرادا وجماعات وأقليات فطالما منطق العنصرية والتمييز موجود فلا أحد معصوم عن التمييز، تقول لميس اندوني.


يمكن إحداث التغيير من خلال رفع الوعي عند الصحفيين قد يسهم ذلك بتخفيف حد العنصرية المبثوثة في المواد الإعلامية، وفق الناشطة ليندا كلش. 

تقترح لينا جزراوي أن يعمد الإعلام على نشر سلسلة موضوعات تتناول التشريعات والقوانين الخاصة بالمرأة وكيفية استخدام القوانين للحماية المرأة وصون حقوقها.