صحيفة العرّاب

اكاديميون: مشروع قانون الجامعات يحد من استقلاليتها وانقلاب يثير الفوضي ويعزز المركزية

 

– اثار مشروع قانون الجامعات الأردنية المعروض على مجلس النواب في دورته الإستثنائية كثيرا من النقاش في الأوساط الأكاديمية في الوقت الذي تعتبره الحكومة قانونا عصريا يشكل نقلة نوعية في تطوير التعليم العالي في الأردن ، -وذلك حسب تصريحات لوزير التعليم العالي الدكتور وليد المعاني لعمون الاسبوع الماضي-.
ويرى عدد من رؤساء الجامعات الرسمية والجامعات الخاصة أن مشروع القانون الجديد يعد انقلابا على القانون الحالي وتحولا كاملا دون مراعاة للخطورة المحتملة لهكذا تغيير، معتبرين مشروع القانون الجديد معيقا للاستثمار ويتمثل ذلك في جزئية الدمج سواء للجامعات الحكومية او الخاصة، الامر الذي يشكل تراجعا في الدعم الحكومي للقطاع الخاص حسب ما اكدته القيادات الاكاديمية "لعمون".
وأكثر ما يقلق رؤساء جامعات الحكومية أن المواد الأكثر تأثيرا على الحاكمية والإدارات الجامعية تم اضافتها دون الرجوع لمجلس التعليم العالي الأمر الذي اعتبر تجاوزا وتقليلا من شأن رؤساء الجامعات الرسمية الذين تم تعيينهم بموجب اردة ملكية، اضافة الى أن القانون في مواده 5 و9 و 12 و34 يشكل انقلابا كبيرا في الجامعات الأمر الذي سيحدث فوضى كبيرة.
 
القانون واللامركزية
وقال رؤساء جامعات رسمية- طلبوا عدم ذكر اسمائهم- لـ "عمون" أن القانون يتعارض بشكل واضح مع اللامركزية التي دعى لها صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني المعظم، وجهود الحكومة الحثيثة لتفعيلها وهذا يتضح جلياً في الفقره "و" من المادة (4) " صلاحيات الوزارة: وضع أسس .. وتنظيم شؤون الايفاد والاشراف عليه "، فاللامركزية تعني الادارة الميدانية واتخاذ القرار من المسؤول المباشر لمعرفته بتفاصيل الموضوعات الدقيقة والابتعاد عن البيروقراطية.
فالايفاد امر داخلي خاص بكل جامعة، وهي عملية مستمرة وديناميكية، وشهرياً تعرض على مجالس العمداء قرارات ايفاد وتقارير مشرفين، وقرارات تجديد او تمديد ايفاد، وتاجيل مطالبات وانهاء ايفاد، وهذه تفاصيل دقيقة وكثيرة يصعب السيطرة عليها من خارج الجامعة.
وبين اكاديميون ان اقرار اعداد الموفدين عملية معقدة ومرتبطة بعوامل عدة اهمها اعداد الطلبة واقبالهم على التخصص وحاجة السوق واعداد اعضاء الهيئة التدريسية الذي يتأثر باجازات التفرغ العلمي والاستقالة وغيرها، ومعايير الاعتماد وقرارات مجالس الاقسام والكليات وتحقيق الموفد لشروط الايفاد حسب نظام البعثات الموجود اصلاً، منوهين الى ان عملية الايفاد المعمول بها حاليا في الجامعات الحكومية لا تشوبها اية مشاكل، والتي تعتمد على ايفاد المتميزين لافضل الجامعات الاميركية والاوربية حسب خطة واضحة ومعلنة.
القانون واستقلال الجامعات
وفيما يخص استقلالية الجامعات اكد عدد من رؤساء الجامعات أن القانون يتعارض مع استقلال الجامعات ويظهر هذا جلياً في المادة 5/أ حول تشكيلة مجلس التعليم العالي، والتي تنص صراحة على استبعاد رؤساء الجامعات تماما من التشكيلة
مؤكدين أن ذلك سابقة خطيرة في الاردن والتي قد تؤدي الى ادخال فئات تكون بعيدة عما يجري في الجامعات من نشاط يومي في عضوية المجلس الامر الذي لا يمكنها من ان تكون اقدر على التخطيط للجامعات والتعليم العالي من رؤساء الجامعات انفسهم.
و يتسائل رؤساء الجامعات حول كيفية عدم مشاركة الجامعات "مصانع العقول" في رسم سياسة التعليم العالي، لا بل الانصياع لقرارات المجالس دون نقاش؟، ثم لماذا تكون الحيادية في اتجاه واحد ولا تكون باتجاه عضوية الوزير والامين العام ورئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي، متسائلين عن المساهمة المتوقعة من اربعة اشخاص تم تعريفهم بذوي الخبرة والاهتمام بالتعليم العالي، وهل تقارن هذه المساهمة بمساهمة رؤساء جامعات لديهم من الخبرات الاكاديمية المتراكمة الكثير الكثير، ليس فقط من خلال توليهم منصب رئيس الجامعة، بل حتى من خلال علاقاته واحتكاكه مع تجارب جامعات عالمية كثيرة.
وما هو تفسيرواعتبر اكاديميون ان وصف " من ذوي الاهتمام بالتعليم العالي " وصفا فضفاضا من الممكن أن يكون من يحمل درجة استاذ مساعد عضوا في مجلس يعين رئيس جامعة يحمل درجة الأستاذية!
شروط متناقضة
ويرى أكاديميون أن هناك تناقضا صارخا في شروط اختيار اعضاء المجالس حيث يرون أن وضع شروط ومواصفات ضيقة ومحددة ( المادة 5/ب/2 ) لاعضاء المجلس يجعل فرصة ايجاد الشخص المناسب ضئيلة، اذ احيانا يمكن الاستفادة من ذوي الخبرات مهما كانت مواقعهم ولماذا نحظر على الشخصيات العامة المشاركة ونسمح بها للامين العام ورئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي؟.
وهل يمكن تصور مجلس وزراء بدون الوزراء العاملين؟ او مجلس عمداء في جامعة بدون عمداء الكليات؟ كما ان المجالس ليس انعكاسا لبعضها البعض بل العملية هنا تكاملية حيث مواصفات تشكيلة المجلس المعروضة في القانون لن تختلف عن خبرات مجلس الوزراء.
تعيين رئيس الجامعة
 
وفي موضوع تعيين رئيس الجامعة تحفظ اكاديميون على الآلية المنصوص عليها في مشروع القانون معللين ذلك بأن المادة 12 لم تأت بما هو جديد بل ابقت القرار في يد مجلس التعليم العالي وجردت مجلس الامناء من صلاحياته المنشودة.
ويتسائل الأكاديميون عن القصد من ان يقوم مجلس الامناء بتشكيل لجنة ثلاثية من خارج المجلس تنسب بثلاثة اسماء؟ ويقوم مجلس الامناء بدوره بتمرير الاسماء لمجلس التعليم العالي وهل يكمن دور مجلس الامناء فقط تمرير الاسماء؟
لماذ يتم تشكيل لجنة من اعضاء مواصفاتهم موجودة في مجلس الامناء؟.
ولماذا لا يتم اختيار شخص واحد ينسب به لمجلس التعليم العالي؟
وعليه فإنهم يرون أن الماده المقترحه تؤكد عدم استقلاليه وتحديد صلاحيات مجلس الأمناء وتؤكد هيمنة مجلس التعليم العالي على كل شيء والمطلوب توضيح كيف تتم عملية اختيار الأسماء بالأصل؟
وأوصى عدد من رؤساء الجامعات الحكومية والخاصة وأكاديميين بالغاء الفقرة "و" من المادة (4) كاملة واقتصار دور الوزارة على بعثات الوزارة للخارج وليس بعثات الجامعات الحكومية.
و ان يكون رؤساء الجامعات اعضاء في مجلس التعليم العالي بحيث يعين اثنين أو ثلاثة وتصبح العضوية بينهم بالتناوب ولا مانع من اضافة فئات اخرى يتوقع ان يساهموا ويثروا ويعززوا قرارت المجلس.
كما وأكدوا على أن يكون تعيين رئيس الجامعة من ضمن صلاحيات مجلس الأمناء الذي يقوم باختيار اسماً واحداً وينسبه لمجلس التعليم العالي.