من المنتظر أن تخرج الحكومة في أقرب وقت بتحديد موعد للانتخابات البلدية، تلك التي طال انتظارها وأجّلت في غير مرة وجرت تعديلات مطولة على قانونها الذي صدرت آخر نسخة منه منتصف آذار الماضي.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن ثلاثة سيناريوهات تحكم عملية إجراء الانتخابات البلدية تم الحديث عنها مطولاً في أروقة الوزارة.
أول هذه السيناريوهات يقتضي العمل نصاً وروحاً بما حمله كتاب التكليف السامي لحكومة د. فايز الطراونة، بتحديد موعد قريب لإجراء الانتخابات البلدية لتفعيل مبدأ الحكم المحلي، وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية بصنع القرار وتمكين المواطنين من ترتيب أولوياتهم والنهوض بمجتمعاتهم المحلية.
ويعني هذا السيناريو إجراء الانتخابات البلدية وفق ما نص عليه قانونها من أنها ستجرى بعد ستة أشهر من نفاذ القانون الذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ الخامس عشر من آذار الماضي، ويكون إجراؤها في الاسبوع الأول من شهر أيلول القادم، بحيث تجرى الانتخابات لنحو 100 بلدية موجودة بالأصل يضاف إليها 92 أخرى طابقت شروط الفصل الفنية والقانونية، إلا أن هذا المشهد بحسب المصادر بحاجة أولاً لتأمين ما مقداره 35 مليون دينار كمستلزمات أولية لكلف البلديات الـ92 الجديدة فضلاً عن الميزانية التي سترصد لإجراء الانتخابات ككل.
السيناريو الثاني مشابه للأول مع اختلاف بعدم شمول الـ92 بلدية في الانتخاب لحين الانتهاء من المشاكل والعثرات التي ستواجه عمليات فصلها من مثل المشاريع والممتلكات المشتركة، وآليات فصلها وأحقية كل بلدية فيها، إضافة لتوفير المبالغ المطلوبة كي تنهض بذاتها وتكون قادرة على الأقل على صرف الرواتب لموظفيها، بخاصة أن الوزارة ما زالت تعاني من مديونة كبيرة تقدر الآن بنحو 97 مليون دينار.
السيناريو الثالث مستبعد ويحتاج لقرار حكومي جريء، ويقتضي بمصارحة الرأي العام بأن هناك صعوبة بإجراء الانتخابات البلدية والنيابية في العام ذاته، وفي فترة زمنية قريبة تفصلهما لا تتجاوز الشهرين، إذا ما قلنا فرضاً أن الانتخابات «البلدية» ستجرى في أيلول و»النيابية» في تشرين الثاني القادم، وذلك لأسباب الدعم اللوجستي أولاً وتوفير كافة سبل الدعم لإجرائهما وتوفير الجو الشعبي الملائم لذلك، إضافة للجهد المضني الذي يتوجب على الحكومة القيام به لإنجاز استحقاقين ديمقراطيين لا يقبلان أي محاولة للعبث بإرادة الناخبين، وتوفير سبل النزاهة والحياد كافة لإجرائهما، ما يقتضي الالتزام بنص كتاب التكليف السامي بتحديد موعد الانتخابات أولاً وإرفاقه بجميع الملفات والقراءات التي تحتم إجراءها مطلع العام القادم وإجراء تعديل على نص مادة القانون رقم 63 التي تقضي بإجرائها خلال ستة أشهر، حيث تبدو الرغبة الشعبية والسياسية والمجتمعية جامحة وذات إصرار على إجراء الانتخابات النيابية كاستحقاق وطني يشكل دعامة قوية لمسيرة الإصلاح ويكون تتويجاً للمسيرة برمتها ويمثل نموذجاً قوياً صلباً ترتكز عليه جميع الاستحقاقات الديمقراطية.
إزاء ما سلف، تبدو الحكومة في موقف حرج، يدعوها ص من مصارحة الرأي العام حيال أوضاع البلديات، وتحديد موعد لإجراء الانتخابات، ولا يحتاج إلا للجرأة والمكاشفة، فإن كان الموعد في أيلول فإن وزارة الشؤون البلدية وعلى لسان كبار موظفيها تؤكد جاهزيتها لإجرائها ارتكازاً على سجلات جاهزة للناخبين من خلال دائرة الأحوال المدنية وإشراف قضائي مستقل نص عليه قانون البلديات ولأول مرة في تاريخ الإشراف على الانتخابات البلدية.