نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية يوم أمس تقريرا لمراسلها يوليوس كافنديش قالت فيه إنها حصلت على معلومات تؤكد قيام السعودية وقطر بتزويد المعارضة السورية بالأسلحة في وقت تتحدث فيه الأمم المتحدة عن حرب أهلية في سوريا.
وأضافت الصحيفة وفقاً لدبلوماسي الغربي في أنقرة فقد تلقى مقاتلو الجيش السوري الحر من بلدين خليجيين أسلحة تم نقلها إلى سوريا عبر تركيا وبدعم ضمني من وكالة الاستخبارات التركية (MIT). وحتى الآن كان مقاتلو المعارضة في سوريا في موقف ضعيف بسبب اعتمادهم على ترسانة أسلحة قديمة وغير كافية، بينما كان النظام في دمشق قادراً على الاعتماد على الأسلحة الواردة من روسيا وإيران. وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قد ادعت بأن موسكو تسلح سوريا بمروحيات هجومية. وقالت في مؤتمر صحفي في واشنطن:"نحن قلقون بشأن المعلومات الأخيرة التي وردتنا بأن هناك مروحيات هجومية في الطريق من روسيا إلى سوريا، الأمر الذي يؤدي إلى تصعيد الصراع بشكل كبير جداً".
منذ بداية الاحداث في سوريا قام معارضو النظام بتهريب كميات قليلة فقط من الأسلحة، قاموا بشرائها من السوق السوداء، من إقليم هاتاي في جنوب تركيا إلى منطقة إدلب في سوريا.
قبل ثلاثة أسابيع قال أعضاء من الجماعات المتمردة التي تضم الجيش السوري الحر إنهم تلقوا شحنات متعددة من الأسلحة تتضمن بنادق كلاشينكوف ورشاشات (BKC) وقذائف صاروخية وأسلحة مضادة للمدرعات من بلدان خليجية، وإن تركيا كانت تساعد في إيصال تلك الأسلحة.
أحد أعضاء الجيش السوري الحر والذي يقيم في المنطقة الحدودية بين سوريا وتركيا قال:"الحكومة التركية ساعدتنا في التسلح". وزعم أن الأسلحة وصلت بالسفن إلى ميناء تركي ومن ثم جرى نقلها إلى الحدود من دون تدخل السلطات التركية.
وكان مسؤولون سعوديون قد أعلنوا بوضوح عن شعورهم بضرورة تسليح المتمردين، وذلك بالتزامن مع حديث الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز بأن الحوار "ليس مجدياً".
دبلوماسي غربي مقيم في أنقرة طلب عدم ذكر اسمه أكدّ أن تسليم "أسلحة خفيفة" إلى المتمردين كان "تطوراً حديثاً" وتم بواسطة شاحنات قامت بنقل الأسلحة إلى جماعات المتمردين على الحدود. وقال في هذا الخصوص:"هناك أسلحة تأتي بعلم الأتراك". المجلس الوطني السوري الذي يمثل المظلة الرئيسية الجامعة للأطراف المعارضة للنظام، قام باستلام الشحنات وفحصها.
يعتبر المجلس الوطني السوري على أنه فقد كامل شرعيته تقريباً بالنسبة إلى النشطاء السوريين في الداخل، وذلك بعد فشله في توحيد المعارضة المنقسمة. وبرغم ذلك يبدو أن تركيا أصرت على أن يكون المجلس الوطني السوري الضامن لمجموعات الجيش السوري الحر التي ستقوم باستلام الأسلحة قبل السماح بعبورها الحدود.
ويقول الدبلوماسي الغربي في إشارة إلى الاستخبارات التركية (MIT):"لن يعترفوا بهذا الأمر رسمياً، فأعضاء المجلس الوطني السوري هم رجالهم". عملية فحص واستلام الأسلحة كانت بغرض منع وقوعها في أيدي المتطرفين الإسلاميين. وبرغم ذلك يعرب الدبلوماسي عن مخاوفه من أن الأسلحة تسلم فقط إلى متمردين متعاطفين مع الأخوان المسلمين، وهم المجموعة المهيمنة في المجلس الوطني السوري. ويقول في هذا الشأن:"مجموعات الأخوان المسلمين هي الوحيدة التي تتلقى الأسلحة". وأضاف بأن النشطاء على طول الحدود من غير المنتمين إلى الأخوان المسلمين لم يسمعوا بتسليم الأسلحة إلا قبل أيام قليلة مضت.
على أية حال لا يزال الجدل قائماً حول القوة الحقيقية للأخوان المسلمين في داخل سوريا. ويضيف الدبلوماسي بأن المجلس الوطني السوري "انتهى" بفعل الصراع على السلطة في داخل المجلس ولكون المتمردين الذين أصبحوا القوة المهيمنة في الثورة "قد يطلقون لحاهم" للفت انتباه المحسنين المتدينين إلى صراع يصفه على أنه "حرب أهلية".
المسؤولون السعوديون والقطريون رفضوا التعليق على هذا الأمر. في مؤتمر "أصدقاء سوريا" الذي عقد في تونس في شباط/فبراير الماضي، انسحب الوفد السعودي من الجلسات محذراً بأن هناك حاجة إلى إجراءات أشد صرامة. وقبل المغادرة وصف وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل تسليح المتمردين في سوريا بأنها "فكرة ممتازة".
أحد المسؤولين الأتراك قال:"تركيا لا تزود أحداً بالأسلحة ولا ترسل عناصر مسلحة إلى أي بلد مجاور، بما في ذلك سوريا". وأكدّ مجدداً أن الدول الغربية لا تزال تقدم مساعدات"غير قاتلة" فقط.
وعلى الرغم من استضافتها لأعضاء في الجيش السوري الحر في مخيمات اللاجئين في هاتاي، كانت تركيا مترددة في الانخراط مباشرة في الصراع. ولكن بعد حالات إطلاق النار عبر الحدود والتقارير التي تفيد بأن النظام يدعم الميليشيات الكردية المنخرطة في صراع مع تركيا منذ 30 سنة، بدأت تركيا تغير مسارها، بحسب أندرو تابلر عضو معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.
يقول تابلر:"الأسد لم يطبق خطة عنان أبداً، هذا هو الأمر الأهم". ويضيف:"تركيا تدرك تماماً حجم الإعصار القادم".
كذلك يرى تابلر أن مقاطع الفيديو المعروضة في الانترنت تظهر تدمير المزيد من دبابات النظام، ولكنه يحذر من أن الأسلحة لن تستطيع حسم الصراع. ويقول:"هذه الأسلحة تساعد في إزعاج قوات النظام، لكنها ليست كافية وحدها لإسقاط النظام".
أحد ضباط المتمردين يقول إن قواتهم تسيطر الآن على باب الهوى، وهي مدينة سورية تحوي معبراً حدودياً مع تركيا، ويضيف بأنهم تلقوا أسلحة وأجهزة اتصال ويعدون لهجوم في الأيام القادمة.
موقف بلدان الشرق الأوسط من سوريا
لبنان
التمرد ضد الأسد امتد إلى لبنان عدة مرات هذه السنة، مما أثار مخاوف من تجدد الصراع الطائفي والعرقي في الجارة الصغيرة لسوريا والتي بقيت طوال عقود ساحة حرب بالوكالة بين سوريا وإيران وإسرائيل.
السعودية
ترى السعودية أن إسقاط نظام الأسد للحد من النفوذ الإيراني يستحق المخاطرة بالتدخل. قادت الرياض جهوداً لتأمين تمويل رسمي للجيش السوري الحر ومعلوم الآن أنها تشحن الأسلحة إلى المتمردين.
قطر
ترى قطر، الدولة الخليجية الثانية المعادية لإيران، أن فوائد إزاحة الأسد تفوق مخاطر التدخل. ومعلوم أنها تقوم إلى جانب السعودية بشحن الأسلحة إلى المتمردين. يقال أيضاً إن المغتربين السوريين الذين يعيشون في الدوحة يضخون ملايين الدولارات إلى الجيش السوري الحر.
تركيا
تركيا التي كانت حليفة للرئيس الأسد انقلبت عليه أواخر شهر آب/أغسطس بعد أن ذهبت أدراج الرياح نداءاتها المتكررة بالإصلاح والحوار مع المتمردين. أغلقت تركيا سفارتها في دمشق في شهر آذار/مارس وبدأت بتنسيق دعم دبلوماسي لحركة المعارضة السورية في شهر نيسان/أبريل.
إيران
تنكر إيران، الحليف الأقوى لسوريا في المنطقة، أنها تساعد قوات الأسد بالمستشارين ومعدات مكافحة الشغب وأجهزة المراقبة. لكن ضابطاً إيرانياً رفيع المستوى وفي زلة لسان خلال مقابلة أجريت معه الشهر الماضي، كشف عن غير قصد أن قوات نخبة إيرانية قد دخلت البلد فعلاً.
العراق
صوتت بغداد بالموافقة على طرد سوريا من الجامعة العربية على الرغم من صلاتها بحكومة طهران المؤيدة للأسد. في مسار معكوس للأحداث إبان الاحتلال الأمريكي للعراق، أصبحت الأسلحة والميليشيات تتدفق شمالاً إلى سوريا، والمهاجرين جنوباً.
إسرائيل
كسرت إسرائيل سنة من الصمت الرسمي هذا الأسبوع لتندد بـ"الإبادة الجماعية" المدعومة من قبل الدولة في سوريا وطالبت برحيل الأسد. وذلك برغم المخاوف من إمكانية وقوع ترسانة الأسلحة الكيميائية التي يملكها النظام في أيدي متطرفين معادين لإسرائيل.
مصر
الأحداث التي جرت في شوارع مصر ساعدت في إلهام المحتجين في سوريا في الربيع الماضي، لكن مصر مشغولة بثورتها إلى حد يحول أن تكون لاعباً أساسياً في الشؤون الإقليمية. سحبت مصر سفيرها في شباط/فبراير لتعبر لدمشق عن "عدم رضاها" عن قمع نظام الأسد.
الأردن
تخشى من تدفق اللاجئين السوريين الذي قد يزعزع استقرار الأردن.