صحيفة العرّاب

المصريون يأكلون بأكثر من مليار جنيه يومياً خلال رمضان

في مثل هذه الأيام من كل عام يخفت صوت السياسة في مصر مؤقتاً، ليرتفع صوت الاقتصاد وخطباء المنابر، فميزانية الأسرة تصبح مشكلة كل بيت على تنوع المشارب والقدرات المالية، خاصة مع ازدياد السلوكيات الاستهلاكية على نحو واضح خلال العقود الأخيرة، فلا تستطيع غالبية الأسر الاستغناء عن العديد مما بات يعتبر ضمن المتطلبات الأساسية، ومن ناحية أخرى فإن ارتفاع أسعار السلع الغذائية لا يتوقف، بل على العكس تضاعف مؤخراً ليبلغ نسبة هائلة تتراوح بين 100 % و250% خلال الشهور الستة الماضية، كما تشير التقديرات الرسمية في مصر . وفي هذا السياق أكدت دراسة ميدانية حديثة أعدها فريق بحثي من مركز البحوث الاجتماعية والجنائية‏‏ في مصر والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن المصريين ينفقون على الغذاء سنويا‏ 200‏ مليار جنيه‏ مصري، يستأثر شهر رمضان وحده بنحو ‏15%‏ من هذه النسبة بما يعادل ‏30‏ مليار جنيه شهريا بمعدل مليار جنيه يومياً .ورغم الشكوى المستمرة من ارتفاع أسعار اللحوم فإن ذروة استهلاك المواطنين من اللحوم تكون في رمضان حيث تبلغ نحو 25 ألف طن، في حين أنه يبلغ في المتوسط 17 ألف طن في الشهور العادية وبلغ حجم اللحوم المستوردة في استهلاك المصريين في رمضان 50% مما يستهلكونه خلال شهر الصوم .أما الأكثر إثارة فهو ما خلصت إليه الدراسة من أن 60% من أطنان الطعام التي تتربع على موائد المصريين خلال شهر رمضان، ينتهي بها المآل إلى سلال القمامة، وتتجاوز هذه النسبة‏ 75%‏ في حالة المناسبات والولائم العامة والعائلية .ومضت الدراسة الميدانية التي أعدتها جهتان حكوميتان قائلة إن ‏83%‏ من المصريين يغيرون عاداتهم الغذائية خلال شهر رمضان، فيرتفع استهلاكهم من الحلويات بنسبة ‏66.5% ، بينما يتزايد استهلاكهم من اللحوم والطيور بنحو ‏63% والمكسرات بنسبة ‏25%‏ نتيجة العادات الاجتماعية مثل تبادل الزيارات والولائم التي تزيد بنسبة‏ 23 %‏ مقارنة بباقي شهور العام .

 مشاكل أسرية
وتتسبب ميزانية رمضان في العديد من المشاكل داخل الأسرة، فمن ناحية طلبات الأبناء لا تتوقف، ومن ناحية أخرى تواصل الأسعار ارتفاعها المستمر، كما يقول الدكتور على ليلة، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، وللقضاء على هذه المشاكل يجب أن يقوم الزوج والزوجة في بداية كل شهر بتوزيع الدخل على الاحتياجات الأساسية في حضور الأبناء، حتى يشعروا بالمسئولية ويتولد عندهم نوع من الرضا والاقتناع بقدرة الأسرة المالية، وفي هذه الحالة لا يرهق الأبناء رب الأسرة بطلبات يعجز عن تلبيتها، وهنا تهدأ المشاكل، ولكن تظل رغبة كل فرد في الأسرة في شراء احتياجات جديدة .
 
أما الدكتور عبد المطلب عبد الحميد، أستاذ الإدارة بأكاديمية السادات فيقول إن ميزانية الأسرة المصرية في حالة عدم تكيف مع الأسعار، لذلك لابد أن تتقدم الدولة لمساندة الأسر - وإن كنت لا أعتقد أنها تفعل ذلك - بعدة طرق مثل تخفيض الأسعار أو على الأقل توفير السلع في المجمعات الاستهلاكية، لأن تخفيض الأسعار يعمل على زيادة الدخل الحقيقي للفرد، وبالتالي مزيد من التكيف مع حالة السوق ويجب على الحكومة مواجهة احتكار السلع منعاً لرفع قيمتها، وهذا يعد نوعاً من الدعم العيني للمواطنين، وعلى الجانب الآخر يمكن للأسرة أن تتخذ عدة إجراءات لإحداث التوافق بين الميزانية والأسعار، كترشيد الاستهلاك سواء في الكميات أو النوعيات أو استدعاء مدخرات لإنفاقها في رمضان أو الاقتراض..، ولكن يفضل ترشيد الإنفاق خاصة أن الاستهلاك في رمضان يكون فيه قدر هائل من البذخ والإسراف، على الرغم من أن شهر رمضان يفترض به أن يكون مناسبة لترشيد الاستهلاك والزهد .
 
وكان مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في رئاسة مجلس الوزراء قد كشف في تقرير حديث له عن أن الأسرة المصرية تنفق 44.9% من إجمالي إنفاقها على الطعام سنوياً، وأن الطعام يأتي في المرتبة الأولى من حجم إنفاق الأسرة المصرية، في ما يتوقع خبراء اقتصاديون أن يتضاعف هذا الرقم في السنوات المقبلة، خصوصا في الأسر الفقيرة والمتوسطة، بسبب الارتفاع الحاد في أسعار السلع الغذائية المصرية خلال الستة أشهر الماضية، والذي بلغ نسبة هائلة قدرت بأنها تتراوح بين 100 % و250% خصوصا في أسعار الزيوت والطحين .
وأشار التقرير إلى أن المصريين يستهلكون ضعف كميات السكر التي يتم استهلاكها في الشهور العادية، حيث يصل حجم الاستهلاك إلى 250 ألف طن، كما تبلغ نسبة الزيادة في استهلاك السمن النباتي حوالي 200% عن المعدلات الشهرية، بينما تم استهلاك 175 ألف طن في رمضان في حين أن الاستهلاك في الشهور العادية لا يتعدى 25 ألف طن، في حين وصل متوسط الاستهلاك من الزيوت إلى 75 ألف طن بزيادة قدرها 25% عن المعدلات الشهرية التي لا تتعدى 60 ألف طن في الشهور العادية من العام .