صحيفة العرّاب

خبراء يرفضون اقتراض الحكومة ويتوقعون زيادة العجز لنحو 1.2 مليار دينار نهاية العام

مع وصول عجز الموازنة لنحو 743.3 مليون دينار في نهاية شهر تموز الحالي، باستثناء المساعدات، البالغة 102.7 مليون دينار بحسب بيانات وزارة المالية، والتوقعات بوصول عجز الموازنة لنحو 1.2 مليار دينار في نهاية العام الحالي، وسط تساؤلات عن كيفية تقليص العجز.. تتوجه الحكومة متمثلة بوزارة المالية للاعتماد على الاقتراض من الصناديق العربية أو البنك الدولي أو أنها ستلجأ للاقتراض الداخلي من البنوك المحلية، كوسيلة لسد عجز الموازنة المتفاقم الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع المديونية العامة للدولة والبالغة 9159.9 بليون دينار، أي مانسبته 56.5 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي، متجاوزا النسب القياسية والحد الأعلى، مما سيؤدي بحسب الخبير الاقتصادي الدكتور منير حمارنة إلى ارتفاع الكلف على الموازنة لخدمة الدين العام الذي سترتفع فوائده وأقساطه السنوية كلما ازداد الدين العام بفعل الاقتراض.

 حمارنة يرى أن زيادة الاعتماد على الاقتراض سيحمل الاقتصاد الوطني أعباء ثقيلة. موضحا أن معظم إيرادات الدولة من الضرائب على السلع والمعاملات والإيرادات من تسجيل الأراضي والعقارات والإيرادات الجمركية وغيرها ستذهب على شكل خدمة للدين العام "أقساطا سنوية وفوائد" الذي يعتبر عائقا أمام التطور في أداء الحكومات.
 
وبين أن تقلص الإيرادات سينعكس على الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين من تعليم وصحة وخدمات الماء والكهرباء.
 
وأشار حمارنة، إلى أن الحكومة ستلجأ إلى زيادة الضرائب وربما فرض ضرائب إضافية على المواطنين لزيادة الإيرادات التي ستتآكل بفعل الاعتماد على الاقتراض، مما سيزيد من معدلات الفقر وسيحد من قدرة المواطنين على الشراء في ظل ثبات الأجور وعدم قدرة الحكومة على رفعها.
 
"الاعتماد على الاقتراض سيرفع المديونية العامة للدولة إلى أرقام قياسية وبالتالي سيكون له تبعات خطيرة على مستوى الدولة مما سيعمق حالة التبعية للدول الدائنة"، بحسب الخبير الاقتصادي غسان معمر، مضيفا أن الميزانية العامة للدولة ترزح تحت عجز مستمر بسبب السياسات الحكومية التي وضعت نفسها بحرج مادي بفعل تخليها عن دورها في الإنتاج وتبنيها لاستراتيجيات تعتمد على التخلي عن دورها لصالح القطاع الخاص الأجنبي مما أضعف من قدرتها على تزويد الخزينة بالموارد المالية، على حد قوله.
 
ولفت إلى أن ضعف الخزينة، الناجم من تقلص الإيرادات التي تذهب لسداد الأقساط السنوية وفوائد الاقتراض، وعدم قدرتها على تقديم الخدمات وزيادة الأجور واستحداث الوظائف، سيزيد من معدلات الفقر.
 
ويرى معمر أن الحكومات المتعاقبة ليس لديها القدرة على رسم السياسات الاقتصادية للدولة وتفتقد للرؤية الشمولية التي تسهم في زياد الإنتاج والدخل.
 
وأكد معمر أن حكومات الدول الكبرى تعلمت من الأزمة المالية وبدأت تأخذ دورها في الانتاج لإحداث توازن في إدارة الاقتصاد الوطني بينها وبين القطاع الخاص، مشددا على ضرورة تولي الحكومات دورها الإنتاجي لزيادة دخل الموازنة وللحد من تفاقم العجز.
 
بيد أن الخبير الاقتصادي حسام عايش يرى أن طلب القروض يعني وجود مشكلة في المساعدات الخارجية وأنها لم تعد تغطي عجز الموازنة القائم.
 
ولفت إلى أن الاقتراض سيضغط على مستوى معيشة الأفراد بسبب الضرائب التي ستفرض لتغطية أقساطه وفوائده، الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من الانكماش الاقتصادي وتباطؤ في النمو.
 
وقال: "حجم الفوائد والقروض كبير.. وسنعمل على سداد الأقساط السنوية للقروض والفوائد على حساب زيادة الرواتب والأجور وتقديم الخدمات للمواطنين ومكافحة الفقر والبطالة".
 
وأضاف عايش، أن فلسفة الخصخصة وتقليص دور الحكومات أدت إلى تفاقم عجز الموازنة وارتفاع الدين العام، وأثبتت أن الحكومات يجب أن تتدخل وتفكر بنهج اقتصادي جديد يوازن بين التدخل الحكومي والسوق والتجارة، مشيرا إلى أن الخصخصة لم تتم وفق دراسات جدوى حقيقية.
 
وأكد وجود تحديات كبيرة تواجه الاقتصاد الوطني وتحديدا مع توقعات بارتفاع أسعار النفط، مما سينعكس على معدل التضخم وبالتالي سيشكل ضغطا على دخل المواطنين.
 
بدوره حذر صندوق النقد الدولي الأردن من صعوبة الحصول على التمويل الخارجي، مطالبا في الوقت ذاته باتخاذ إجراءات للحد من مخاطر شح التمويل الخارجي.
 
ومع زيادة العجز في الموازنة العامة للدولة، اتفق الخبراء على ضرورة رسم السياسات الاقتصادية للدولة بشكل عقلاني وممنهج، وتقليص الإنفاق الجاري والرأسمالي لضبط الموازنة ومعالجة الهدر الحكومي، بالإضافة لإعطاء الأولوية للمشاريع الاقتصادية المستدامة والإنتاجية، وضرورة إيجاد مشاريع إنتاجية تصدر للخارج للحصول على العملة الصعبة.
 
وبلغ إجمالي الإيرادات المحلية والمساعدات الخارجية خلال الشهور السبعة الأولى للعام الحالي 2628.8 مليون دينار، فيما بلغت المساعدات الخارجية 102.7 مليون دينار.
 
وبلغ إجمالي الانفاق خلال الشهور السبعة الأولى للعام الحالي 3269.4 مليون دينار. فيما أسفرت زيادة الانفاق في الشهور السبعة الأولى للعام الجاري عن تسجيل عجز مالي بقيمة 640.6 مليون دينار.
 
وبلغ صافي الدين اللعام الداخلي في تموز من العام 2009 إلى نحو 5544 مليون دينار، أي مانسبته 34.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام 2009.
 
وبلغ الدين الخارجي 3615.9 مليون دينار، أي ما نسبته 22.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام 2009.
 
ليصبح صافي مجموع الدين العام في نهاية شهر تموز من العام 2009 نحو 9159.9 بليون دينار، أو مانسبته 56.5 من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام 2009، بزياد مقدارها 608.7 مليون دينار عن العام 2008. السبيل