صحيفة العرّاب

جدل بمصر بسبب فتوى تحرّم سماع القرآن بأماكن العمل والمواصلات

يدور جدل في مصر بسبب فتوى أطلقها الرئيس السابق للجنة الفتوى بالازهر الشيخ جمال قطب حول عدم جواز تشغيل القرآن الكريم في أجهزة الكاسيت و"الدي في دي" في المواصلات العامة والمحلات لمراعات قدسية القرآن، واعتبار من يفعل هذه الامور بمثابة من ينتهك حرمة القرآن الكريم.

 واستنكر عدد من علماء الازهر الفتوى، وأعادت دار الافتاء المصرية نشر فتوى قديمة وأرسلتها الى الصحف ووضعتها على موقعها الالكتروني على الانترنت في محاولة منها لنفي فتوى قطب، مؤكدة أنه لا مانع شرعاً في سماع القرآن الكريم في اماكن العمل.
 
وكان قطب قد نشر في جريدة "الشروق" المصرية فتوى مثيرة للجدل رداً على سؤال من أحد القراء عن تشغيل القرآن في أماكن العمل ووسائل المواصلات، فقال قطب ان "تشغيل شرائط القرآن الكريم في مكاتب العمل ووسائل المواصلات يدخل في فوضى التعامل مع القرآن الكريم".
 
 انتقاد الفتوى
 
وقد أحدثت الفتوى ضجة كبيرة وسط علماء الازهر، حيث أكد الدكتور أحمد السايح استاذ العقيدة الاسلامية بجامعة الأزهر أن كلام قطب جانبه الصواب، "فالسماع للقرآن يمكن أن يكون في أي وقت سواء في الطرق أو المواصلات أو أماكن العمل ولا يمكن أن يقال ان من يسمع القرآن في العمل يتعامل بفوضوية مع القرآن الكريم، بل بالعكس إن ما يجعله يفعل ذلك هو حبة وتقديسه للقرآن الكريم الذي يجعله يقبل على القرآن الكريم ويسمعه في كل الاوقات".
 
وأردف السايح قائلاً "أليس سماع القرآن أفضل من سماع الاغاني، وألا يمكن اعتبار ان من يستمع القرآن الكريم ربما تكون طريقة لكي يحفظ كلام الله نتيجة تكرار السمع يومياً ونتيجة انتباهه لما يقال من آيات الذكر الحكيم".
 
وقال الداعية الاسلامي خالد البحيري إن الناس في مصر يقبلون علي سماع القرآن الكريم بصورة جميلة "فهم يبدأون يومهم بسماع القرآن الكريم سواء في البيوت أو في محالهم أو أماكن عملهم حتى لو كانت مقاهي او خلافه من أماكن الترفيه، كما يسمعونه في المواصلات، وهو شيء يكسبهم حالة روحانية لا يمكن وصفها، وبعضهم يعتبر أنه لو لم يسمع القرآن في عمله – تحديداً في الاعمال الخاصة – فلن يرزقه الله.. فكيف يمكن أن نقول انهم يمارسون فوضى ضد كتاب الله".
 
وأكد البحيري أنه يقدّر طبعاً الشيخ قطب "وهو قامة كبيرة لا يمكن الاستهانة بها، وهو أحد العلماء الاجلاء الذين لا يخشون في الله لومة لائم، لكن تقديرنا له ولمكانته لا يجعلنا نقبل الفتوى، فسماع القرآن في اماكن العمل والمواصلات لا يمكن اعتباره شيئاً فوضوياً، بل العكس".
 
وقال الشيخ محمود صديق المنشاوي إنه يرفض فتوى قطب "فسماع القرآن الكريم في العمل أو في السيارة لا يقلل من مكانته ومن هيبته، فالله عندما أنزل القرآن وقال: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) كان يقصد أنه سيحفظه من كل شيء، ومن ضمن معاني الحفظ هو حفظ الهيبة والمكانة وهو ما يجعل عموم المسلمين يبدأون أعمالهم بالاستماع اليه للتبرك به وطلباً لمرضاة الله".
 
من جهتها أعادت دار الافتاء المصرية نشر الفتوى التي نشرتها قبل خمس سنوات على موقعها الرسمي على الانترنت، وقالت فيها إنه لا حرج من سماع القرآن الكريم وتشغيله في المكاتب، وإذا قام المسلمون بتشغيله وانصرفوا لاعمالهم ولم ينصتوا غير متعمدين فلا مانع شرعاً من ذلك، وهذا لا يتنافي مع قوله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون).
 
 
وفي تصريح خاص قال قطب إنه مازال مصراً على الفتوى التي نشرتها جريدة "الشروق" تحت عنوان "فليتفقهوا في الدين"، وأن تشغيل شرائط القرآن الكريم في مكاتب العمل والمواصلات فوضى في التعامل مع كلام الله "الذي يجب أن نراعيه ونصمت ونستمع له ونتدبر معانيه جيداً بدلاً من أن نترك الصوت يخرج دون أن نسمع ما يقول المقرئ، وهل من اللائق أن نترك الصوت يخرج من مكبرات الصوت ويدخل الى الغرف والمطابخ والحمامات ولا يستمع له أحد فهل هذا تبجيل كلام الله؟!".
 
وأردف ان البعض يتعامل مع كتاب الله بطريقة غير لائقة كأنه طريقة للحصول على البركة والرزق دون النظر الاستماع اليه في تأدّب يليق به، فهل من اللائق أن يتم تشغيله في المواصلات العامة والركاب يشعرون بالضيق والارهاق ولا يستمعون اليه؟!
وأكد رئيس لجنة الفتوى الاسبق أن القرآن الكريم ينبغي أن يتم التعامل معه بقدر قيمته التي منحها له الله عز وجل. "العربية.نت"