صحيفة العرّاب

مافيا اللحوم المستوردة تحصل على إعفاءات جمركية بـ4،5 مليون دينار سنويا

  لم تفلح جهود حكومة معروف البخيت الثانية، ومساعيها بتخفيض أسعار اللحوم المستوردة للمستهلكين، حينما اتخذت قرارا، منتصف العام ،2011 يقضي بإعفاء المستوردين من الرسوم الجمركية.


قرار مجلس الوزراء، القاضي بإعفاء مستوردي اللحوم من الرسوم الجمركية، وهي '5 % + 10 دنانير/ رأس بقر، و5 % + 2 دينار / رأس ضأن'، أدى لفقدان خزينة الدولة ملايين الدنانير سنويا، من دون أن ينعكس هذا القرار على المستهلكين، بأن تنخفض أسعار اللحوم، بل العكس ما حصل، فالأسعار ترتفع باطراد.

القرار الحكومي، الذي تحتفظ 'العرب اليوم' بنسخة منه، جاء لتخفيض أسعار اللحوم حينذاك، لكن هذا الهدف لم يتحقق قط.

وفق إحصائيات رسمية، صادرة عن وزارة الزراعة، فقد استورد الأردن العام الماضي 648 ألفا و611 رأسا من الأغنام، و 40 ألف رأس من الأبقار، وعند احتساب قيمة الإعفاءات، الممنوحة من الحكومة للمستوردين، فإنه يتبين أنها بلغت العام الماضي بحدود 4،5 مليون دينار.

اعتمدت 'العرب اليوم' في حساباتها، للوصول إلى رقم 4،5 مليون دينار، على بيانات الشركات المستوردة للحوم، إذ تُقدر تكلفة استيراد الخروف الواحد حوالي 86 دولارا، ورأس البقر بـحدود 600 دولار.

وفي التفاصيل فقد بلغت قيمة إعفاء الرسوم الجمركية للأغنام المستوردة، 'البالغة '5 % + 2 دينار لكل رأس غنم' العام الماضي' 3 ملايين و233 ألف دينار، وللأبقار قرابة المليون و 240 ألف دينار.

ووفق حديث مصدر مطلع لـ'العرب اليوم'، فإن 75 - 80% من الإعفاءات، التي منحتها الحكومة لمستوردي اللحوم، يعود بالفائدة لصالح شركة واحدة فقط، من الشركات العاملة باستيراد اللحوم الحمراء، وهي شركة تُمثل مع أخريات قليلة العدد، مافيا اللحوم في الأردن، وكان وزير الصناعة والتجارة الأسبق عامر الحديدي، قبل أعوام، قد سمى الأشياء بأسمائها، وقال إن هذه الشركة، هي جهة احتكارية، وتقود 'كارتيل' احتكاريا يُتجر باللحوم، ويسيطر على الأسعار، والحكومة، بسبب نفوذ هذا 'الكارتيل' تقف عاجزة أمامه.

'اللحم المستورد والمنسف'

ولم تعد قضية تناول وجبة الأردنيين التقليدية 'المنسف' ترتبط لدى المواطنين بمذاق مغر لدى الكثير من المواطنين.

وما أن يتبادر إلى المسامع عن وليمة 'منسف'، حتى تبدأ الأسئلة تُطرح حول طبيعته، وبالتحديد عن نوع اللحم بلديّا كان أم مستوردا ؟

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وصلت الأحوال بالأردنيين إلى التفريق في المذاق بين طعم اللحم السوداني، والروماني، وخروف دبي، وغيرها من اللحوم المستوردة.

ويعود ذلك إلى الانخفاض الكبير بأسعار اللحوم المستوردة المجمدة، والمعبأة في عبوات مفرغة من الهواء، التي تباع في 'المولات'، والمراكز التجارية الكبيرة، بأسعار متدنية، وصلت إلى 3 دنانير للكيلو الواحد.

رغم إقبال المواطنين على شراء اللحوم المستوردة، وتهافت الفقراء منهم على المجمدة، وعلى لحوم 'العبوات المفرغة من الهواء'، إلا أن التفكير بمذاق اللحم البلدي في وجبتهم التقليدية 'المنسف'، ما زال سيد الموقف لديهم، وما زالت أحلام غالبيتهم تزخر بمناسف اللحوم البلدية، ما أدى موضوعيا لفقدان ثقتهم بالمنسف، بوصفه وجبتهم الوطنية، وأحد مكوناتهم الثقافية، فالمنسف يرتبط بقوة بموروث الأردنيين.

حالة فقدان الثقة بين الأردنيين والمنسف لم تتوقف عند هذا الحد، بل تجاوزتها إلى عدم الثقة أيضا بصحة وسلامة اللحوم، التي تباع بأسعار متدنية.

الغذاء والدواء

في هذا الصدد يؤكد مدير الغذاء في المؤسسة العامة للغذاء والدواء د. محمد الخريشا أن المشكلة الرئيسية في اللحوم في المملكة، تتمثل بقضية التداول فقط، مشددا على أن صحة وسلامة اللحوم عند دخولها البلاد، أمر لا جدال فيه، فهي صالحة وسليمة وفق تعبيره.

ويشير الخريشا إلى أن أنواع اللحوم، التي تستوردها شركات أردنية، ثلاثة أنواع، هي المجمد، والطازج، والمفرغ من الهواء، فالإجراءات الصحية والرقابة، المتبعة على المنافذ الحدودية، هي جزء من المواصفات القياسية الأردنية، التي تضمن سلامة وصحة هذه اللحوم عند دخولها المملكة، لكن مدير الغذاء لم ينفِ حدوث مشاكل في اللحوم أعقاب ذلك.

الخريشا ألمح في حديثة إلى أن المشاكل الصحية التي تصيب اللحوم، التي يتم إتلافها، غالبا ما ترتبط بمحاولات إدارات الأسواق والمحال التجارية، التوفير في فاتورة الكهرباء، عبر فصل التيار الكهربائي ليلا عن ثلاجات التبريد، وهو الأمر الذي يسهم في إفساد هذه اللحوم، وجعلها غير صالحة للاستهلاك البشري.

وزارة الزراعة

من جهتها تؤكد وزارة الزراعة، على لسان مدير البيطرة فيها د. منذر الرفاعي، أن دور وزارة الزراعة يقتصر في مسألة اللحوم، على منح الرخص للمستوردين من الدول التي لا توجد فيها أمراض وبائية، من خلال متابعة الوزارة لموقع صحة الحيوان العالمي، عقب ذلك، وفق الرفاعي، يتم التدقيق على بيانات الإرساليات المستوردة في المنافذ الحدودية، ومن ثم تتسلم مؤسسة الغذاء والدواء المهمة الصحية.