صحيفة العرّاب

مشروعية قرارات الحكومة قبل الثقة

 يتساءل كثيرون هذه الأيام حول مدى مشروعية قرارات حكومة الدكتور عبد الله النسور في الفترة الممتدة ما بين التكليف الملكي لها وموعد التصويت على الثقة بهذه الحكومة ويشكك البعض في مشروعية القرارات التي صدرت عنها خلال هذه الفترة وبخاصة تلك القرارات المهمة منها طالما أنها لم تحصل بعد على ثقة النواب. 

الأستاذ الدكتور محمد الخلايلة أستاذ القانون العام بكلية الحقوق في جامعة مؤتة وفي رده على استيضاح  بهذا الخصوص أشار إلى أنه ووفقا لنصوص الدستور الأردني وبصيغته الحالية فإن الحكومة تكتسب شرعيتها وتمارس كافة اختصاصاتها الدستورية بمجرد صدور الإرادة الملكية بتعيين رئيسها وفقا للمادة 35 من الدستور وموافقة جلالة الملك على تعيين الوزراء فيها بناء على توصية الرئيس المكلف وفقا لذات المادة. 

وأضاف الدكتور الخلايلة بأن “موضوع منح الثقة للحكومة من قبل مجلس النواب إجراء دستوري غاية في الأهمية ولكنه ليس شرطا من الناحية القانونية للقول بمشروعية تصرفاتها، فالحكومة وخلال شهر من تشكيلها يتوجب عليها – وفقا للمادة 53 من الدستور وما طرأ عليها من تعديلات عام 2011 – أن تتقدم لمجلس النواب ببيانها الوزاري وأن تطلب الثقة عليه، فإذا حصلت على الثقة كان ذلك تأكيدا لشرعيتها التي اكتسبتها أصلا من قرار تشكيلها، وإذا لم تحصل على الثقة يمكن القول عندها أن الحكومة فقدت تلك الشرعية ولا تستطيع أن تمارس من الاختصاصات إلا ما يقتضيه سير المرافق العامة في الدولة وإلى حين تشكيل حكومة بدلا منها”.

فالحكومات في الأردن – وفقا للدكتور الخلايلة – تستمد شرعيتها من قرار التكليف وليس من ثقة النواب، فالنواب وبالتعبير القانوني الدقيق يمكن أن يحجبوا الثقة عن الحكومة ولكنهم لا يمنحونها شرعية مفقودة عندما يصوتون لصالحها ويمنحونها الثقة، أما إذا ما تعدل الدستور في هذا السياق وأصبح تشكيل الحكومات – كما تطالب المعارضة – من الحزب الحاصل على أكثرية المقاعد في البرلمان وليس بقرار من جلالة الملك فعندها فقط يصح القول بأن تصرفات وقرارات الحكومة لا تكون مشروعة إلا بحصولها على ثقة ممثلي الشعب كما هو الحال في العديد من الأنظمة البرلمانية في العالم”. 

وحول ما أعلنته حكومة النسور في مناسبات عديدة من أنها لن تتخذ قرارات مهمة – كتلك المتعلقة بإشغال وظائف الفئة العليا – إلا بعد الحصول على الثقة فيرى الدكتور الخلايلة أن ذلك “يأتي في إطار الاحترام والمجاملة لمجلس النواب في ضوء الحركة “السلحفائية” البطيئة نحو فكرة الحكومة البرلمانية وليس من منطلق عدم قدرتها القانونية على القيام بذلك. فالدستور الأردني بصيغته الحالية لا يتضمن ما يمنع الحكومة عن ممارسة كافة صلاحياتها واختصاصاتها الدستورية بمجرد تكليفها من قبل الملك بدليل أنه وفي حال عدم حصولها على الثقة تعد جميع قراراتها وإجراءاتها السابقة صحيحة ومشروعة تماما كما هو الحال بالنسبة لتصرفات النائب التي تسبق إعلان بطلان نيابته من قبل القضاء”.