صحيفة العرّاب

ابتسامة الطفل البطل الشهيد حامد المصري تحير العالم

 

نظرت في عينيه المفتوحتين على سماء الله الواسعة..أمعنت النظر علني اقنع نفسي بان هذا الطفل المبتسم في الصورة،الممدد ملفوفا بالكفن من الأموات وليس من الذين لازالوا على قيد الحياة.

 رأيته حيويا، حيا، متألقا في ابتسامته،كأنه فرح الله وسعد البشرية جمعاء، كأنه نور وضياء الجنان المعلقة فوق الحياة.وكأنه لم يمت..مبتسما كان الفتى ! كأنه يحدثنا عن أشياء يحبها ونحبها معه.كان ينظر إلينا ببسمة لا مثيل لها.. وجهه مشع كالبدر حين يطلع سعيدا بليلة جديدة، منيرا ، مضيئا وعامرا بالحب والفرح.وجهه كوجه ملاك من ملائكة الرحمة والسعادة والمرح ..

بقي الفتى حامد فاتحا عينيه متطلعا اتجاه الذين قنصوه فأوقفوا خفقان قلبه، متطلعا صوب الذين قتلوه باسم الأكاذيب والخدع والنصب الدولي.. بقي حامد متطلعا نحو فلسطين الحرية والسيادة،نحو وطنه المفتوح على كل الاحتمالات. كان يود قول أي شيء لشقيقه الأكبر منه أو لشقيقته الصغيرة،أي شيء قبل أن تستقر رصاصة القناصة الصهاينة في قلب قلبه ... مات الولد حامد قبل أن يتفوه بأي كلمة، لم يكن لديه وقت ولا حتى بعض الثواني كي يقول وداعا أبتاه، وداعا أماه، أو كي تشاهد مستعينا بالله قبل أن يمضي إلى الله.. استشهد الفتى ومضى بعيدا عن الأهل الذين أحبهم وأحبوه، الذين سيفتقدونه ، بعيدا عن أصدقاء الحارة وزملاء المدرسة وسجادة الصلاة .. سافر حامد المصري بعيدا عن همجية الاحتلال وشياطينه، وعن عنصرية وطغيان النظام الصهيوني في فلسطين المحتلة، ليستقر في جنان الله الواسعة مع الشهداء و الملائكة.

آه أيها الطفل البريء، يا ابن البراءة في فلسطين المكلومة كم ينقص الأوباش الذين قتلوك من الحب والفرح؟    كم ينقصهم من الرجولة والروح البشر وقيم الإنسانية السمحاء؟  هؤلاء الذين يعادون كل القيم التي جاءت بها إنسانية الإنسان وإلهية رب البشر .. كم فاتهم من القداسة يوم أطلقوا النار عليك ليقتلوك مع سبق الإصرار، ترى هل كانوا يتبارون في قنص قلب قلبك؟     وهل تراهنوا على قنصك وإصابة قلبك، وكم دفع الخاسر منهم للكاسب؟      نعم قتلوك يا حامد لكن بسمتك الباقية نزعت عن وجوههم آخر أقنعة الزيف،ولعنت كل من آمن بكذبهم وبدعايتهم المبرمجة.

ان ابتسامة وجهك البهي تحكي عن حالتك وحالهم، عنك لأنك الضحية وعنهم لأنهم القتلة.. لقد قمت بملاحقتهم حتى بعد موتك، ففي ابتسامتك استطعت فضحهم وتعريتهم وكشف زيف كيان القتل والجريمة، جعلته يتوغل في الوحل،في الظلام والانعزال، في أقبية الظلاميين وقبور الهمجيين.

هناك أصبح الاحتلال الصهيوني صاحب المرتبة الأولى في الوحشية والعنصرية،وكرس وضعه ككيان إرهابي لا ينافسه على المرتبة تلك سوى الولايات المتحدة الأمريكية،وهناك مكانه الطبيعي. لكن مكانك الطبيعي يا حامد يبقى هنا مع الجذور ، هنا أيها الطفل البريء والمستشهد باسما.. هنا مكانك حيث استطعت وأطفال فلسطين معك وضع الاحتلال عمليا في مكانه المحتوم وموقعه الصحيح وموضعه الذي يجب أن يتقوقع فيه، لوحده وبلا منافسين، فبين البشر لا وجود للإرهابيين القتلة، أعداء الأرض والإنسان والحب والحرية والحياة.

بسمتك أيها الفتى المرتفع قمرا فوق فلسطينك النازفة هي التي ستلاحق الإجرام الصهيوني في مهده وتحاصر الاحتلال الإسرائيلي في حصاره، وتواكب الرحلة الفلسطينية في كل تعرجاتها ومطباتها ومحطاتها،هي التي ستجعل أبناء جلدتك أكثر إيمانا بان الأعداء لا يريدون السلام ولا يودون العيش الآمن ولا حتى القبول بنا على أرضنا وفي بلادنا، بسمتك أيها الولد الراحل، الممنوع من الحرية والمقتول لأجل حبها ستظل نبراسا للذين يعشقون الحرية ويكافحون من اجل نيلها، فنم يا حبيب القلب سنحفظ ابتسامتك ونحمل رايتك ونواصل درب فلسطين حيث سنراها بعيونك ،ونحفظها متألقة في تلك الابتسامة.

موتوا يا أطفال غزة ....فلن نحزن عليكم ..أتعرفون لماذا ؟

لن نحزن عليكم يا أطفال غزة ..فمن أنتم ؟!

لو كنتم أمريكان لذرفنا عليكم دموعاً غزيرة ، لو كنتم انجليز لسخرنا كل طاقاتنا لإنقاذكم ، لو كنتم صينيين لأصدرنا مئات الفتاوى في تحريم قتلكم ، لو كنتم دانمركيين لأوجدنا لكم ألف عذر حتى ترضوا عنا !!

من أنتم حتى نحزن عليكم ؟؟

موتوا فأنتم الشاهد الحي على موتنا قبلكم .!!