صحيفة العرّاب

كيري وبّخ بيرس وابو مازن في الاردن

  (المضمون: سافر بيرس الى الاردن كي يبقي المسيرة السلمية على قيد الحياة، وليس أكثر من ذلك. وهذا يقدم لنتنياهو خدمة طيبة، كي لا يظهر كرافض. أما للمسيرة نفسها فهذا لا يفعل الكثير. ولبيرس يجلب الاحترام. وبهذا يتلخص الموضوع. لعبة تجري منذ سنوات عديدة، تتقدم قليلا جدا، اذا كانت تتقدم.).


ارسل الرئيس شمعون بيرس أمس الى الاردن مع يدين مكبلتين. فرئيس الوزراء نتنياهو يريده أن يعزز المسيرة السياسية ولهذا فقد بعث به الى عرين الاسد، لعقد لقاءات مع وزير الخارجية جون كيري، مع الملك عبدالله ومع أبو مازن. ولكن الرئيس مقيد. بقدرته وبقوته.

من جهة، في المؤتمرات التي يصل الى بيرس لا يتعاطى الجميع معه بالجدية المناسبة. وصباح أمس سأله مراسل "الجوردان تايمز": "سيدي، انت لست عضوا في الحكومة الاسرائيلية. فمن تمثل؟". ولم يكن لبيرس جواب مقنع. من جهة اخرى، لا يمكن لبيرس أيضا أن يطلق مواقفه السياسية التي يمكنها أن تؤدي حقا الى اختراق سياسي. فهو مربط، كما أسلفنا.

لقد سافر بيرس الى الاردن كي يبقي المسيرة السلمية على قيد الحياة، وليس أكثر من ذلك. وهذا يقدم لنتنياهو خدمة طيبة، كي لا يظهر كرافض. أما للمسيرة نفسها فهذا لا يفعل الكثير. ولبيرس يجلب الاحترام. وبهذا يتلخص الموضوع. لعبة تجري منذ سنوات عديدة، تتقدم قليلا جدا، اذا كانت تتقدم.

لو كان الامر منوطا ببيرس لعاد أمس من مركز المؤتمرات الذي يحمل اسم الملك حسين، في الجانب الاخر من البحر الميت، مع اتفاق سلام موقع في اليد. وعندما صعد أمس وزير الخارجية كيري للخطابة في المؤتمر، اشار على بيرس وابو مازن عقد الاتفاق، وكاد الرجلان يصعدا الى المنصة مع قلم في اليد. وبالفعل لا توجد لبيرس اي مشكلة مع المطالب الفلسطينية الفورية. فالرئيس يؤيد اقامة دولة فلسطينية في حدود 67، مع تبادل للاراضي بشكل نزيه. كما أنه يؤيد تقسيم القدس الى عاصمتين، ولديه ايضا حلول ابداعية لمشكلة حق العودة.

ولعل أفكار بيرس جيدة للاذان العربية، ولكنها تبدو لاذعة لرئيس الوزراء نتنياهو وكذا لليبرمان، لبينيت، شتاينتس ولعوزي لنداو. وقد قلق الاخيران أمس في ضوء العناوين الرئيس التي نشرت في "معاريف" حول الاقوال التي كان سيقولها بيرس في المؤتمر.

لقد كان يتعين على بيرس أن يناور بين الجميع، ولكنه مع ذلك وجد سبيلا واحدا بين كل شعارات السلام التي نثرها أمس في خطابه في المؤتمر في الاردن. فقد سار بيرس خطوة الى الامام. أعلن على مسمع من أبو مازن فقال: "انت شريكنا، ونحن شركاؤك"، في خلاف واضح مع الموقف التقليدي لحكومة اليمين في اسرائيل في أن ابو مازن ليس شريكا سياسيا. واضافة الى ذلك: فللمرة الاولى، كما بشر العنوان الرئيس في "معاريف" أمس تناول بيرس في خطابه بالايجاب مبادرة السلام السعودية ووصفها بليس أقل من "التغيير ذي المغزى والفرصة الاستراتيجية". والمبادرة، كما يجدر بالذكر، تتحدث عن انسحاب اسرائيلي الى خطوط 67، تقسيم القدس وحل مشكلة اللاجئين.

لقد ألقى بيرس في الاردن أمس كلمة أمام مئات السياسيين ورجال الاعمال. فالسلام يقتنى بالعذابات وعليه فليس كل شيء سار له بسهولة أمس. خطاب ابو مازن في المؤتمر كان عصبيا ومنفعلا، كالمعتاد. الزعيم الفلسطيني لم يفهم كيف ترفض اسرائيل تحرير سجناء قدامى، كما وعده، على حد قوله، ايهود اولمرت. كما أنه اشتكى من ان اسرائيل تريد ان تستبعد تماما مشكلة اللاجئين عن طاولة المفاوضات. وبشكل عام، رفض ابو مازن أن يفهم كيف ان نتنياهو ورفاقه في الحكومة يرفضون المبادرة العربية التي كلها خير فقط، وهي كفيلة بجب السلام على اسرائيل في أوساط كل الدول العربية، من اندونيسيا حتى موريتانيا.

كان لابو مازن أمس ما هو جديد أيضا. فهو ليس مستعدا لان يسمع المزيد عن حل الدولة في حدود مؤقتة. "نحن لن ننتظر خمسين سنة كي نبحث في هذا الموضوع من جديد"، أعلن. وهنا سجل انجازا هاما. فقد تبنى وزير الخارجية كيري الموقف فورا. شاؤول موفاز يمكنه أن يسحب خططه المؤقتة التي اعدها، وليس هو فقط. واضاف كيري لهذا الوعد ايضا خطابا مليئا بالرؤيا، ووعد بالسير بالسلطة الفلسطينية عشرات السنين الى الامام.

مع استثمارات هائلة، على أن تسير فقط في المسار السياسي المرغوب فيه. كما كان لكيري توبيخ طفيف لبيرس وابو مازن على حد سواء، وربما ايضا لنتنياهو. فقد قال: "بالتهكم لا تبنى الدولة". ويمكن أن نضيف الى ذلك بان "بالتهكم لا يصنع السلام". قول جميل للجميع.
عن معاريف - شالوم يروشالمي:27/5 -