صحيفة العرّاب

بيع ميناء العقبة ومؤسسات الدولة ... اضعاف لها

 بقلم : تحسين التل:- لماذا لا يحاكم الذهبي على بيع ميناء العقبة، الميناء الوحيد للمملكة الأردنية الهاشمية، حلقة الوصل البحرية بين الأردن والعالم، ثغر الأردن الباسم الذي أصبح عابساً بعد خسائر هائلة تقدر ب 5 مليارات دينار، ومليار إضافي على البيعة.. 

لماذا لا يحاكم وقد أنشأ مبنى السلطة الذي كلف الدولة ملايين، وأجزاء كبيرة منه فارغة لا يسكنها أحد، وما الفائدة من وجود شركات للتطوير وعلى رأسها بطبيعة الحال؛ شركة تطوير العقبة التي تستنزف من أموال الدولة أكثر مما تنفع الموازنة المصابة بالقرحة وتحتاج الى عمليات ترميم بعشرات المليارات حتى تسترد عافيتها، ويعود الوطن كما كان سليماً معافى.. 
لماذا لا يحاكم العراب أبو سمير على المديونية التي وصلت في عهد حكومته الى 7 مليارات، وشهدت البلد هبة نيسان أطاحت بحكومته الفاشلة، وأدت الى وضع الوطن على كف عفريت.. لماذا لا يحاسب أبو زيد الحفيد على تحويل الأردن الى شركة مساهمة عامة فرخت الوزراء من ذكور وإناث بعد أن كانوا مجرد موظفين رواتبهم لا تتجاوز المئات فأصبحت بالآلاف، وصاروا يتنقلون بين مجالس الإدارات، وشركات التطوير، والبنوك، ومجالس النواب والأعيان، ويحصدون عشرات الرواتب الشهرية والمواطن الأردني يلاحقونه على نصف الراتب المضروب من دمه، أو على ما يفيض من حاجة الضمان الإجتماعي، وعلى حسنة تقدم له من هنا أو هناك؟! 
لماذا لا يحاسب وليد الكردي على سرقة نفط الأردن (الفوسفات)، وبيعه لشركة في بروناي هو نفسه صاحبها ومعه من معه؟ ولماذا لا يتم تفعيل الإتفاقيات الأمنية مع بريطانيا وغيرها من دول العالم وإحضاره الى الأردن مخفوراً كما فعلوا مع شاهين بالرغم من أن شاهين لم يكن لصاً، ولم ينهب، ولم يفعل ما فعله الذهبي، والكردي، وعوض الله. 
وبمناسبة الإتيان على ذكر عوض الله؛ لماذا لا يقدم للمحاكمة بجرم بيع مؤسسات الوطن.. هل البهلوان أهم من البلد، هل هو أفضل مواطن أردني على الإطلاق حتى يستبعد من أي محاكمة أو حتى مجرد توجيه سؤال لمعاليه؛ لماذا وكيف ومن دفعه لكي يبيع، ويخصخص، ويسمسر وكأن الوطن حاكورة خلفية له ولأتباعه (الله يا زمن)، لماذا لا نسأل عوض الله عن القصور التي باعها وربح فيها الملايين، وكانت على حساب الدولة؛ أرضاً، وأبنية شيدها من راتبه في رئاسة الوزراء الذي لم يكن يتجاوز ال 500 دينار شهرياً، وارتفع الى أقل من ألف دينار عندما كان في الديوان، وفيما بعد وصل راتبه الى 1500 دينار، ولو وفر مجموع رواتبه طوال عمره دون أن يصرف منها ديناراً واحداً لما وصلت الى مائة ألف دينار، فمن أين جاء بالملايين. لا يمكن أن نصدق أن والده باع سيارات الأجرة في أمريكا وأعطاه ثمنها ليسكن في دابوق؛ وعاش على المعونة الأمريكية التي تمنحها وزارة الرفاه الإجتماعي للمتقاعدين في نهاية خدمتهم؟! 
لماذا يحصل رؤساء الوزراء، وبعض الوزراء، وبعض الجنرالات من الأجهزة العسكرية على فلل وقصور وسيارات ثمنها مجتمعة لا يقل عن عشرة ملايين دينار. ماذا قدم للوطن أكثر من موظف أفنى زهرة شبابه ورجولته بين الدفاتر والأقلام والسجلات وخرج بتقاعد لا يساوي متر رخام على رصيف رئيس الوزراء أو المسئول العسكري. وأقسم على ان راتبه لن يساوي بلاطة رخام واحدة في حمام القصر التابع لأي مسئول يسكن عمان الغربية...؟! 
لماذا كلما جاء رئيس وزراء؛ يفقد الوطن مؤسسة، أو وزارة، أو عضواً حيوياً من جسد الوطن، لقد كانت البداية في بيع المطار، وتبعه أكاديمية الطيران الملكية الى أن تخلصوا من المطارات والطائرات مع أنه يشكل مع ميناء العقبة والحدود؛ سيادة الدولة الاردنية، ولا نعلم على وجه الحقيقة من اقترح على حكومة الذهبي أن يبيع الميناء، وعلى غيره من رؤساء الحكومات أن يبيع الإتصالات، والفوسفات، والكهرباء، والمياه، وكأن الوطن مصاب بمرض عضال ينوون التخلص من أطرافه؛ ليبقى الجسد بلا أذرع، وبلا أرجل، ويظل في وضع انتظار حتى يأتي رئيس وزراء لا يخاف الله يطلق على رأسه رصاصة الرحمة؛ فيرديه قتيلاً لا قدر الله. 
 
قالوا يجب أن نجرب الخصخصة؛ أي التخلص من المؤسسات التي تشكل عبئاً على الدولة، وجاءت النصيحة من مصدر مجهول؟ أن الدولة الأردنية يجب أن تكون خفيفة، ورشيقة وكانت الوصية تتطلب ترشيق مؤسسات البلد، وبالفعل بدءوا بترشيق الوطن من خلال بيعه قطعة قطعة حتى أفرغوه من محتواه، وأصبح مثل الأرملة التي مات زوجها، وأولادها وبقيت تعاني الفقر، والجوع، والظلم، وأشياء أخرى لا نريد أن نذكرها لئلا تقوم القيامة علينا..؟! 
عندما كان رئيس الوزراء الحالي في صف المعارضة كان انتقد كل الرؤساء، وبالذات رئيس الوزراء السابق وقال؛ لو كان الرئيس يحترم الشعب والوطن لاستقال على الفور، لقد رفع الأسعار، وأنهك المواطن، ومن العيب أن يستمر في منصبه. كان الرئيس محارباً من الطراز الأول، وطوال عقدين كاملين؛ أشبعنا ببياناته، وخطبه، وانتقاداته، وإصراره على حجب الثقة عن اغلب الحكومات. لكنه عندما استلم رئاسة الحكومة انقلب على عقبيه، حتى أصبحت الحكومات السابقة كلها أرحم منه ومن حكومته، وصار الإنتقام من الشعب برنامج عمل، وخارطة طريق لما تبقى له من أيام، أو أسابيع يقضيها فوق رقابنا، وأقسم على أنني سأحطم جرار من الفخار على رحيله وألعن اليوم الذي شكل فيه الحكومة.. ؟! 
* مستشار إعلامي لجامعة جدارا 
* رئيس تحرير وكالة نيرون الإخبارية