صحيفة العرّاب

إطلالة قانونية على وثيقة بيع أسهم الاسكان

 كتب الوزير الأسبق المحامي د. ابراهيم العموش:




لنفرض جدلاً أن التوقيع المثبت على "الوثيقة" المنشورة على بعض المواقع الالكترونية هو توقيع مدير صندون استثمار أموال الضمان بتاريخ التوقيع، ولنفرض جدلاً أن "الوثيقة" المنشورة على تلك المواقع هي ذاتها الموقعة من ذلك المدير. فما هو واقع حال تلك "الوثيقة" بنظر القانون؟

لقد درست بعناية "الوثيقة" بصيغتها المنشورة، وتقع على صفحتين إثنتين، وكلاهما يحمل اسم "صندوق إستثمار أموال الضمان الاجتماعيSocial Security Investment Fund" مقرونا بشعار الصندوق على فرض صحة هذا الشعار. وفي الزاوية الأخرى على أقصى اليسار العلوي للصفحتين هناك "ختم" لم أتمكن من قراءة ما كتب عليه وربما يكون شعار الشركة (على فرض وجودها) التي وقعت على هذه "الوثيقة" بما يفيد القبول بمضمونها.

وأوضح هنا رأي القانون في هذه "الوثيقة" للراغبين بمعرفة القالب القانوني الذي يستوعب هذا النوع من الوثائق:

1 أن هذه "الوثيقة" لا تمثل بأي حال من الاحوال عقد أو إتفاقية بيع أسهم ولا يمكن بحال من الاحوال تفعيلها لنقل ملكية الاسهم من الراغب بالبيع الى الراغب بالشراء وذلك لما تضمنته هذه "الوثيقة" من إشارات تنبيء بلزوم إستيفاء شروط أخرى مستقبلية تخضع لموافقة أطراف "الوثيقة" وصولاً الى وثيقة أو وثائق أخرى تصلح مصدراً للالزام والالتزام ومصدراً للحقوق والواجبات.

2 تضمنت هذه "الوثيقة" في أكثر من موقع الاشارة الى لزوم التوصل الى إتفاقية نهائية للبيع(final agreement) وبحيث تعتبر الشروط الورادة في "الوثيقة" مؤشرات وأطر غير حصرية هادفة للتوصل الى الاتفاقية النهائية للبيع.

3 تضمنت هذه "الوثيقة" إشارات واضحة الى لزوم التوصل الى توثيق قانوني نهائي((definitive legal documentation للصفقة المتوقعة/المقصودة من "الوثيقة".

4تضمنت هذه "الوثيقة" عند تحديد القانون الواجب التطبيق (Governing law/Jurisdiction) نصاً صريحا على أن إتفاقية شراء الاسهم(Share Purchase Agreement) هي الاتفاقية التي ستكون محكومة بقوانين سويسرا وليس هذه "الوثيقة". ولم تحدد الوثيقة ما اذا كان النزاع سيفصل به عن طريق التحكيم (المحلي أو الدولي) أو بواسطة المحاكم (المحلية أو الاجنبية)، وكل ذلك سواء تعلق النزاع بهذه "الوثيقة" أو باتفاقية بيع الاسهم التي تنبأت بها "الوثيقة" وأشارت إليها صراحة.

5تضمنت "الوثيقة" شرطا يحدد صلاحية العرض (offer) الوارد فيها بمدة اسبوع من تاريخها أي من تاريخ 23/2/2012، فإن لم تقبل الشركة المرسلة إليها هذه "الوثيقة" بهذا العرض خلال هذه المدة تنتهي صلاحية العرض. ونجد هنا بإن تاريخ التوقيع بالقبول على الصفحة الثانية من "الوثيقة" غير مثبت، وبالتالي لا يمكن الجزم بإن القبول قد وقع خلال مدة الاسبوع أم بعد إنقضائها.

6- تضمنت "الوثيقة" ما يمكن أن يسمى بالشرط الجزائي والمتمثل بما يعادل 20% من السعر الاجمالي للشراء (ثمن الصفقة) يدفعه الطرف المخل بالتزامه الوارد في العقد ( obligation in the contract.) ولا يمكن أن تفسر كلمة "العقد" الواردة هنا بأكثر من إنصراف معناها الى اتفاقية شراء الاسهم (Share Purchase Agreement) التي تنبأت بها "الوثيقة". وبالمقابل لا يمكن أن ينصرف ذهن المفسر الى أن الوثيقة المقصودة بكلمة "العقد" هي هذه "الوثيقة" بصيغتها المنشورة.

7- إن المبدأ العام في معظم القوانين الاوروبية يقضي بعدم الاعتراف بالشروط الجزائية عند الاخلال بالعقود، وان التعويض عند الاخلال بالعقد لا يكون إلا بقدر الضرر اللاحق بالمدعي.

8- تأسيسأ على ما سبق، لا تمثل هذه "الوثيقة" بصيغتها المنشورة، أكثر من "خطاب نواياletter of intent" أو بأحسن الاحوال "عرض مشروطconditional offer" بالدخول في تفاوض على الشروط والاحكام النهائية لاتفاقية بيع الاسهم التي تنبأت بها "الوثيقة" وذلك على هدي الاطر العامة الواردة (دون حصر) في الوثيقة المنشورة.

أخيراً، أرجو أن الفت نظر القاريء الكريم إلى أنني لا أدافع عن أحد فيما أوردته في هذا المقال ولست معنيا إلا بالدفاع عن هذا الوطن، وإنني أعرض قراءة قانونية لمن يبحث عنها وذلك إلى المدى الذي تسعفي فيه خبرتي القانونية المتواضعة.