صحيفة العرّاب

والدان مكفوفان يفرحان لاستجابة مولودتهما للنور

أشاعت (فرح) لحظة ولادتها عالم والديها المكفوفين بالبهجة والمسرة وأمدتهما بنور اتسع ليشمل كل من يمت لهما بصلة.

  كان ذلك قبل عشرين يوما حيث انطوى بكاؤها على موسيقا عذبة صاغت منها والدتها أجمل الأشعار ليلحنها والدها بأعذب الألحان.
 
 "لم أتمالك دموعي عند سماع صوت بكائها" قالت والدتها رندة وهي تصف لحظة ولادتها لفرح التي أجمع أطباء على أن استجابة عيونها للضوء جيدة وأنها لا تعاني من أي مشكلة بصرية حتى الآن مشيرة الى أنه "فور ولادتها وضعتها في حضني وتلمستها بكل جوارحي، وأحسست بجمالها، وأشكر الله على نعمته التي أنعمها علينا".
 
 وأضافت لوكالة الأنباء الأردنية "بترا" كنت أتمنى طوال فترة الحمل أن تكون ابنتي مبصرة أنها ستكون (عكازة) لي ولوالدها في المستقبل والحمد لله أن الله استجاب لدعائنا وعوضنا بابنتنا الصغيرة.
 
 والد الطفلة صليبا حدادين أستاذ الموسيقا في مدرسة عبدالله ابن أم مكتوم الذي أعرب عن شكره الموصول لسمو كبير الأمناء الأمير رعد بن زيد على دعمه الكبير لذوي الاحتياجات الخاصة قال إنه يحب الأطفال كثيرا ودائم اللعب معهم، وإنه لا يذكر أن اقترب من طفل عمره عدة أيام، إلا أن وضع فرح كان مختلفا إذ إنه حملها بعد مرور ساعة على ولادتها وقبّلها وتحسسها.
 
 صليبا ورندة نموذجان على تحدي كل الظروف المحيطة بأي مكفوفين ولم يستسلما أبدا لتعليقات الأهل والأقارب الذين كانوا يستغربون كيف سيتدبر مكفوفان أمور حياتهما من دون وجود مرافقين لهما لا سيما مع وجود أطفال في العائلة الصغيرة.
 
 صليبا قال إنه تحمل منذ الصغر مسؤولية الاهتمام والعناية بأشقائه الأصغر سنا مضيفا أنه لم يتم التعامل معه في نطاق أسرته على أنه كفيف أبدا، وأنه تعلم في مدارس عادية للمبصرين الى أن تخرج من المعهد الوطني للموسيقا وتم تعيينه لاحقا أستاذا للموسيقا في مدرسة عبدالله ابن أم مكتوم.
 
 ولا يعتمد على أحد من أشقائه في تسيير شؤون حياته الشخصية كالملبس وحلاقة الذقن وفقا لقوله وإنه اعتاد على تمييز ألوان ملابسه بطريقة خاصة إذ لجأ الى قطع زر الجيب الخلفي لأحد البنطلونات لتمييز لونه على أنه باللون البني في حين إنه ثقب الجيب الأمامي لبنطال آخر لتمييزه على أنه الأسود وهكذا، ويقوم كذلك بعقد ربطة العنق الملائمة حسب الألوان بعد أن أهداه صديق له جهازا ناطقا لكشف الألوان ساعده على تمييز ملابسه من دون الحاجة الى إجراء ثقوب أو قطع أزرار لبعضها.
 
 وأشار الى أنه منذ سن الثامنة لم يشعر بأنه كفيف ويختلف عن أقرانه، وقال إنه كان يلعب مع أصدقائه الصغار في الشارع ويركض ويقود الدراجة مثلهم تماما ولم يكن يأبه كثيرا بالتعليقات التي كانت تصدر من الأطفال خاصة من الأغراب عن الحي.
 
 وتعرف الى زوجته رندة في السنة الأولى لتعيينه مدرسا حيث كانت طالبة في التوجيهي في ذات المدرسة، وكعادته مع طلبته فإنه يتابعهم بعد التخرج من المدرسة فكان الحال مع رندة الذي اتفق معها على الزواج.
 
 وقال إن زواج المكفوفين أفضل من أن يكون أحدهما مختلفا عن الآخر لوجود فهم مشترك لكثير من الأمور بينهما.
 
 لم يواجه زواجهما أي مشكلات من قبل أهل صليبا إذ أكدوا له أنهم يحترمون قراره وسيقفون الى جانبه في حين إن أهل رندة وجدوا صعوبة في تقبل هذا الزواج في البداية، إذ كيف سيتدبر مكفوفان أمر بيتهما لا سيما في ظل وجود أطفال في العائلة.
 
 اختصاصي طب عيون الأطفال الدكتور سمير الملقي قال إنه من الصعب أن يتقرر ما إذا كان الطفل سيعاني من مشكلات بصرية في عمر مبكر وقال إن استجابة المولود الجديد للمؤثرات الحسية والبصرية إشارة مشجعة.بترا