صحيفة العرّاب

موجة "واسعة" من تسريح العمال والنقابات تحذر من تداعياتها "الكارثية"

رغم نفي الحكومة لوجود أي تأثيرات للأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الأردني، ومعدلات التشغيل والبطالة، إلا أن العام 2009 وبداية العام 2010 كشفا عن تسريح أعداد كبيرة من العاملين تحت ذرائع ومسميات عديدة، كإعادة الهيكلة، أو تقديم العروض الجماعية لتسريح العمال، أو من خلال إغلاق خطوط الإنتاج، وجميعها تصب في اتجاه تأثر شركات القطاع الخاص وحتى القطاع العام بما يجري على الساحة الاقتصادية الأردنية من تطورات.

 فالعام 2009 كشف عن تسريح نحو ألف موظف من خلال لجنة إنهاء العقود في وزارة العمل، وخمسة اضعاف الرقم المذكور من خلال التفاوض وتقديم العروض، وبالمحصلة ازدياد اعداد العاطلين عن العمل.
 
كما تشهد بداية العام 2010 اربعة طلبات لإعادة الهيكلة تقضي بتسريح 550 عاملا، حيث قدمت هذه الطلبات لوزارة العمل، فضلا عن تسريح المئات من عمال المياومة وعمال المشاريع في الحكومة، إضافة إلى التوقف عن تعيين العمال في القطاعات الاقتصادية العامة والخاصة، ما يعد في مجمله انتكاسة اقتصادية تحدث في قطاع التشغيل رغم المبادرات الحكومية العديدة التي فشلت بإقناع أرباب العمل لاستيعاب المزيد من العمال في القطاعات المختلفة.
 
الظروف المشار إليها مجتمعة، أدخلت الحكومة في سجال مع نقابات عمالية اعتبرت ما يجري شكلا من أشكال التسريح الجماعي للعمال، ما يهدد أمنهم الاجتماعي والاقتصادي، ويفضي الى إيقاع آلاف العمال في وحل البطالة، بحسب رئيس اتحاد نقابات العمال مازن المعايطة.
 
وقال المعايطة لا بد من دق ناقوس الخطر، والطلب من الشركاء الاجتماعيين فتح باب الحوار، ومنح المسؤولية الاجتماعية أولوية لحماية عمال الوطن بمختلف القطاعات الإنتاجية، وإعداد خطة وطنية لتفادي انتشار ظاهرة التسريح العمالي خلال العام الحالي 2010.
 
وأشار إلى أن العمال استقبلوا العام الجديد بهاجس الخوف على مصيرهم، وسط ارتفاع وتيرة النزاعات العمالية وتراجع القطاع الخاص عن مسؤولياته الاجتماعية.
 
ويبدو أن الشركات والمؤسسات وجدت ضالتها من خلال المادة (31) حيث أن بعضها استغل هذه المادة لتسريح العمال باسم "إعادة الهيكلة"، إذ إن هذا هو المسمى الذي اتفق عليه اصحاب شركات وبنوك كغطاء لتسريح أعداد من العاملين حال تعرضت لتعثر مالي او فني.
 
وتشير إحصائيات وزارة العمل إلى أن نحو 31 شركة تقدمت العام الماضي بطلبات لإعادة الهيكلة وتمت الموافقة على 29 منها، فيما تم رفض طلبات 4 شركات أخرى.
 
وتنوعت أساليب بعض الشركات الخاصة التي لم تلجأ لطلب اعادة الهيكلة في التعامل مع موظفيها، فمنها من أجبرت الموظفين على تقديم استقالاتهم بحجة توقفها عن العمل، ومنها من لجأت إلى مبدأ العروض التفاوضية، كدفع راتب سنة، أو تقديم مكافأة مجزية، لقاء الحصول على استقالة طوعية.
 
 وهنا تقف النقابات العمالية ومؤسسات المجتمع المدني عاجزة عن الدفاع عن العمال والقبول بأفضل عرض يمكن للشركة ان تتقدم به مثلما حصل مع احدى شركات الاتصالات التي استغنت الشهر الحالي عن 85 موظفا لديها بعد تقديم عرض مناسب وتوقيع اتفاقية مع نقابة الخدمات العامة الممثلة لهم.
 
 ويؤكد مسؤول حكومي رفض الكشف عن اسمه بالقول "ان اعداد العمال المسرحين من وظائفهم داخليا وخارجيا وصلت الى عشرات الآلاف بدليل نقص اعداد العاملين في قطاع الالبسة، من نحو 27 ألفا خلال عامين الى نحو 8 آلاف عامل، وعودة اعداد كبيرة من الأردنيين من الخارج بمعدل 8 آلاف عامل، والاستغناء عن اعداد كبيرة في مؤسسات الدولة فضلا عن إنهاء خدمات عمال في القطاعات الاقتصادية بوسائل متعددة، والاستغناء عن عمال المياومة والمشاريع والعقود وإلغاء عطاءات ترتبت عليها وظائف العمال".
 
 وأشار المصدر إلى أن "الحكومة لا توجد لديها احصائيات او قاعدة بيانات عن اعداد العمال المسرحين من وظائفهم، وان عدم وجود هذه القاعدة يعد أكثر خطورة من تسريح العمال انفسهم".
 
 إن تداعيات الأزمة المالية العالمية تسربت الى قطاعات اقتصادية عدة ابرزها الغزل والنسيج والخدمات العامة والتجارية اللذين يعتبران بحسب تقديرات نقابية عمالية أبرز قطاعين يشهد عمالهما تهديدا بالتسريح وإنهاء العقود.
 
رئيس النقابة العامة للعاملين في المناجم والتعدين خالد الفناطسة طالب في بيان أصدرته نقابته مؤخرا بدور حكومي بارز في قضية إنهاء خدمات العمال، كما طالبها بالتدخل الفوري لدى ادارات الشركات التي وصفها بأنها تتنصل من مسؤولياتها الاجتماعية تجاه عمال الوطن في أشد الأوقات التي يمر بها الأردن.
 
ويرى الفناطسة أن الطريقة المثلى لمواجهة تداعيات أي أزمة على الاقتصاد الوطني هي زيادة إنتاجية الشركات لا تسريح عمالها.
 
ويقول رئيس النقابة العامة للعاملين في النقل البري والميكانيك محمود المعايطة إنه لا يجوز أن يدفع العامل ثمن أزمة الإدارة وضعفها، مبينا في الوقت نفسه أن تبرير الشركات بإعادة الهيكلة وتسريح العمال يتناقض الى حد بعيد مع قرارات التسريح التي تنهي خدمات صغار الموظفين ممن يتقاضون أجورا متدنية وتبتعد عن كبار الموظفين.
 
وليست وحدها النقابات العمالية من باتت تتخوف على مصير العمال، فقد اعلن التجمع النقابي العمالي في بيان اصدره مؤخرا عن تخوفه من اعادة هيكلة 26 شركة استغنت عن المئات من العمال الذين بالكاد يجدون قوت يومهم.
 
 وكان نقابيون طالبوا الحكومة بضرورة الاستفادة من فرص العمل التي تتيحها القطاعات الإنتاجية في المملكة خاصة المناطق الصناعية المؤهلة لتشغيل العمالة الأردنية في هذه المناطق التي تضم 90 مصنعا وتشغل نحو 38 ألف عامل وعاملة بينهم عشرة آلاف فقط من الأردنيين.  الغد