صحيفة العرّاب

سجين ليبي سابق بغوانتانامو يكشف عن تجربته مع جلاديه ومحاولتهم كسر ارادته وقلع عينيه

قال معتقل ليبي مقيم في بريطانيا وقضى خمسة اعوام في سجن غوانتانامو انه تعرض للتعذيب الشديد لدرجة انه فقد الرؤية في احدى عينيه ولكنه قاتل وصمد من اجل الحفاظ على كرامته وعقله وهزم جلاديه الذين كانوا يريدون تدميره.

 ويحكي عمر دغاييس قصته لصحيفة ' الغارديان' قائلا ان حراس السجن قاموا بفقء عينه عندما احتج مع زملائه في معتقل غوانتانامو على الاهانة والتحقير الذي تعرضوا لهما عندما طلب منهم خلع سراويلهم والتجول داخل المعتقل والزنازين بملابسهم الداخلية.
 
ويقول ان عددا من الحراس دخلوا زنزانته وحاولوا السيطرة عليه وتقييده ولم يعرف ما حدث الا عندما دسَّ احدهم اصابعه في عينيه ولم يشعر حينها الا ببرودة اصابع الحارس.
 
وفي تلك اللحظة، يقول انه اراد الصراخ من الالم الا انه تماسك حتى لا يعطي جلاديه الفرحة التي يريدونها. وعندما طلب حارس كان يقف عليه ان يدخل اصابعه في عيني السجين اعمق عندها لم يستطع السجين رؤية اي شيء حوله حيث ترك في الظلمة يتدفق الماء من عينيه.
 
ومع انه استطاع الرؤية بالعين اليسرى بعد ايام الا انه فقد النظر باليمنى. واضافة لذلك كسر انفه عندما لكمه حارس.
 
ويقول باتريك بارخام الذي قابل السجين السابق في بلدة سولتدين بمنطقة برايتون، انه بعيدا عن هذه الجروج الجسدية، يبدو السجين السابق قويا ولم تؤثر عليه تجربة خمسة اعوام في غوانتانامو.
 
ودغاييس واحد من بين 800 اطلق سراحهم لم تتم ادانة الا واحد ٍ منهم، أدانته لجنة عسكرية مشكوك في قانونيتها حسب خبراء القانون. وبقي في المعتقل 200 رغم ان الرئيس الامريكي باراك اوباما وعد باغلاقه بداية العام الحالي.
 
وعلى الرغم من هدوئه، الا ان دغاييس لا يريد نسيان ما حدث له مشيرا الى ان هناك الكثير من الاحداث التي يجب الكشف عنها في المعتقل وعن الدور البريطاني في عمليات الترحيل والتعذيب لاشخاص مثله في الاشهر التي تبعت دخول الامريكيين الى افغانستان عام 2001.
 
وينتمي دغاييس الى عائلة محام معروف من طرابلس وجاء لاول مرة لدراسة الانكليزية في سولتدين وكان يحضر كل صيف للاقامة مع عائلة انكليزية حتى عام 1980 عندما اعتقل والده المعارض للنظام الليبي ومات في السجن.
 
وبسبب الظروف الامنية والخوف من اجهزة الامن سافرت العائلة لبريطانيا وطلبت اللجوء السياسي.
 
ورغم ان عائلة دغاييس عادية ومعتدلة، الا انه اصبح اكثر التزاما بالدين عندما دخل الجامعة في وولفيرهامبتون (وسط انكلترا) حيث درس المحاماة. وعندما بدأ التدرب اخذ يحن للعودة الى بلاده لكنه لم يكن قادرا لان عائلته في قائمة المعارضين للنظام. ولهذا قرر القيام برحلة حول العالم زار خلالها باكستان التي اعجب بها ومنها انجذب لزيارة افغانستان التي وجد فيها فرص عمل جيدة معتمدا عل معرفته باللغات العربية والانكليزية والفارسية ودراسته القانونية لتقديم استشارات لشركات الاستيراد والتصدير.
 
وأحب البلد وشعبه وتزوج من افغانية انجب منها ولدا. ويتذكر انه احب البلد وجماله مع انه وجد صعوبة في التعامل مع سكانه، لكنه يعترف انه في حالة معرفتهم بالغريب سرعان ما يفتحون قلوبهم وبيوتهم له.
 
ويقول ان عمله كان جيدا وبدأ التفكير بفتح مكتب للمحاماة لكن الحرب بدأت.
 
ونظرا لخوف عائلته من الحرب، دفع مالا لمهربين كي يخرجوه وعائلته الى باكستان مع بداية عام 2002. وكان يأمل ان تستطيع والدته نقل زوجته وابنه الى انكلترا فيما يواصل هو عمله القانوني في افغانستان.
 
ويقول دغاييس انه على الرغم من الغزو الامريكي لأفغانستان، لم يكن هناك ما يخشاه لانه لم يقم بأي عمل غير قانوني. وفي هذه الفترة استأجر وعائلته بيتا في لاهور بعيدا عن اجواء الحرب، لكنه اصبح صيدا ثمينا عندما بدأ الامريكيون بدفع مبالغ كبيرة لمن يجد عربيا.
 
ومن هنا تغير الباكستانيون. وفي يوم ما اختطف دغاييس، لكن بدلا من نقله الى مركز شرطة، نقل تحت حراسة مشددة بين غرف فنادق راقية.
 
في البداية حقق معه رجل استخبارات باكستاني. ويعتقد ان الليبيين والامريكيين تنافسوا على شرائه الا ان الامريكيين ربحوا الصفقة. وعندما نقل من لاهور الى اسلام اباد حقق معه رجل من 'سي آي ايه' قال انه مسؤول قسم ليبيا. واثناء انتقاله من سيارة لاخرى وفندق لآخر، قال دغاييس انه كان بمعية رجل مغربي ايطالي يعتبر الان في عداد المفقودين. في هذه الفترة حقق معه رجل استخبارات بريطاني اسمه اندروز.
 
 ودار بين دغاييس والمحقق البريطاني كلام، إذ يقول انه عبر عن غضبه بالاحتجاج على الرجل 'الذي يساعد الاشخاص الذين اختطفوني ضد ارادتي'، وخاطبه قائلا 'مهمتك هي اخراجي من هنا، فأنا بريطاني ولو عدت لبريطانيا لأخذتك الى المحكمة'.
 
 ولكن رجل الاستخبارات استخفّ بالأمر ووعد دغاييس ان تعاون معه فسيعمل على اخراجه. وطلب منه التعرف على صور 100 من الناشطين وعندما لم يتعرف على أحد نقل الى مطار تحت الحراسة وغطي رأسه وقيد وحشر مع اخرين فوق بعضهم بعـضاً وكانوا يتعرضون للركل والشتم.
 
وعندما هبطت الطائرة فيما يعتقد انها قاعدة باغرام بكابول، طلب منه تغيير ملابسه ومنع من الحديث مع الاخرين وتعرض للتعذيب.
 
ويقول دغاييس انه لم تكن هناك قوانين في القاعدة العسكرية إذ كان الجنود يتصرفون كما يشاؤون. ويشير الى انه لم يكن قادرا على الاكل لمدة خمسين يوما واصبح هيكلا عظميا ولم يكن قادرا على الكلام وكان يسمع اصواتا في رأسه.
 
 وفي اثناء تواجد دغاييس في المعتقل حقق معه من اعتقد انهم بريطانيون وعندما قال لهم انه درس في وسط لندن بدأوا يوجهون له اسئلة غريبة ثم جاؤوا بصور قالوا انها تظهر مشاركته في حرب الشيشان رغم انه لم يذهب الى هناك.
 
ويبدو، كما اظهرت منظمة 'ريبريف' لحقوق الانسان، ان الامر كان خطأ في تحديد الهوية، فمن ظهر في فيديو قال المحققون انه دليلهم على تورط دغاييس، لم يكن الا شخصا اخر هو ابو الوليد وقد كان ميتا.
 
 ويصف السجين السابق اشكال التعذيب في غوانتانامو من مثل رطم الرأس بالارض وتظاهر الحراس بانهم يقومون باغتصاب السجناء.
 
 ويقول انه طور اسلوب مقاومة الحراس، فعندما كانوا يرشون الزنزانة ببهارات حارة كان يمسك يد الحارس ويحاول ضربه. ويرى ان معظم الحراس كانوا من بورتوريكا ولم يكن دافعهم الايمان بالحرب على الارهاب ولم يكونوا مستعدين للتضحية بانفسهم. ويعتقد ان ايمانه عاونه على الصمود.
 
وقبل اطلاق سراحه في كانون الاول/ديسمبر 2007 بعد الحاح من الحكومة البريطانية، يقول دغاييس ان الحراس بدأوا باطعامه ـ مع ثلاثة اخرين افرج عنهم ـ بشكل مقصود لتسمينهم واظهارهم بصحة جيدة.
 
ولم يدن دغاييس ولم توجه له اية تهمة طوال فترة اعتقاله في غوانتانامو. لكن تجربة السجن القاسية لا تقارن بصدمته عندما عاد الى بلدته سولتدين حيث وجد الكثير من الاشياء الجديدة: الرقابة والحجز في البيت والاسلاموفوبيا والادلة السرية.
 
وعلى الرغم من امتنانه للدعم الذي تلقاه ممن دافعوا عنه، الا ان عائلته وافرادها اصبحوا عرضة للهجمات العنصرية. وبسبب السجن انهار زواجه حيث ان رسائله الى زوجته لم تصلها والعكس واعتقدا انهما تركا بعضهما فعادت الى افغانستان فيما يعيش ابنه سليمان (8 اعوام) مع جدته (والدة دغاييس) في دولة الامارات. القدس العربي