صحيفة العرّاب

الحلم العربي وإصلاح ذات البين بين الجزائر ومصر

فرضت بطولة أمم افريقيا الحالية مواجهة جديدة بين منتخبي مصر والجزائر سيكون مسرحها مدينة بنغيلا في انغولا يوم الخميس المقبل.

 ويرى الكثير من المتابعين والنقاد ان كأس الأمم الأفريقية تسير نحو مربع ذهبي "متفجر" وان أصبح من المتوقع أن تشهد البطولة قنبلة موقوتة في الدور قبل النهائي الذي قد يصبح دورا "متفجرا".
 
وتعيد المباراة للاذهان الحرب الاعلامية التي لم تهدأ منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
 
وبعيدا عن الدخول في تحديد هوية البادئ في الحرب الاعلامية التي استعرت نارها وكادت ان تتطور ابعد من ذلك. الا ان مباراة الخميس طغت على افراح جمهور الفريقين وباتت تؤرق العقلاء لان المغرضين اخذوا بشحذ سيوفهم استعدادا لجولة جديدة من "الحرب الباردة" لا تبقي ولا تذر.
 
الفارق الزمني بين اليوم والخميس يجعل من الممكن وصول اعداد كبيرة من مشجعي الفريقين والخوف ان يكون بينهم عدد من المندسين الذين سيعملون على ضرب الروح الرياضية واحياء نار الفتنة واصابة ما بقي من عروبة في مقتل، ولا يخفى ان هذه القلة مهما صغر شأنها الا انها تختبئ وراء حالة الدهماء لتملي ارادتها على الكثرة.
 
لعنت كرة القدم ان كانت لتؤدي الى مزيد من الشقاق بين بلدين هما أكثر من شقيقين جمعت بهما حقبة طويلة من الزمن كانا فيها خير عون لبعضهما في طرد الاثيم المعتدي.
 
كانت الاماني معقودة على ان يلتقي الفريقان في مباراة النهائي وأن يقدما مباراة للذكرى وطي صفحة الماضي، لكن جدول المباريات المبني على القرعة المسبقة لا يقر بمبادئ فصل المتشاحنين.
 
في كثير من المناسبات فإن مباريات منتخبي بلدين يفرقهما الخصام تكون سببا في عودة الوئام.
 
 فالرياضة لا تعرف الخصومة والشواهد كثيرة. ففي اثناء الحرب العراقية الإيرانية اقيمت أول مباراة بين فريقين من البلدين على ارض الكويت لعبا فيها مباراة جميلة بكرة الطائرة وكان هناك تبادل للورود ومصافحة بين الوفود.
 
والوضع الاّن مختلف وبكل مرارة. فان النفوس لم تهدأ وفي الحلق مرارة وها هي مباراة جديدة ستقام.
 
بدأت بوادر الشقاق تطل برأسها من عنوان جريدة الخير الجزائرية عندما وصفت الانتصار على ساحل العاج بـ"الانجاز الفرعوني".
 
وتختلف هذه المباراة عن سابقتها في ان كل طرف يريد ان يثبت كان على حق وان الاخر كان البادئ بـ"العدوان" ويمضي ابعد من ذلك في اثبات ما يجول في نفسه من ظلم ذوي القربى.
 
المصريون يريدون ان تكون مباراة السودان مجرد عثرة وانهم كانوا الاجدر بالتأهل وان الخسارة في السودان ما كانت لتكون لولا الاجواء المشحونة في المدرجات وما سبقها من عمليات ملاحقة لجماهيرهم خارج الستاد واختفاء المدى والسكاكين من رفوف المحلات في الخرطوم والذين زعموا ان الجزائريين اشتروها لتكون اداة ارهاب لجماهير مصر.
 
وبالمقابل يريد الجزائريون اثبات جدارتهم بتمثيل افريقيا والعرب في مونديال 2010 وان الفوز في مباراة الحسم لم يكن ضربة حظ بل هم كانوا الافضل ولا يأخذون بالتوقعات وان في جعبتهم الكثير لم يدفعوا بها حتى الان في اتون اللقاءات.
 
والقضية الان هي من يبدأ بلفظ الماضي ويدير ظهره الى ما يمكن ان يؤدي بالامور أبعد مما كانت عليه في احداث ما قبل وما بعد السودان؟.
 
ويتوجب الان على العقلاء ليس في البلدين فقط وانما عبر الخريطة العربية وكل من يهمه الابقاء على لحمة العلاقة الحميمية بين دول يجمعهم اللسان الواحد والتاريخ الواحد والثقافة الواحدة وفوق ذلك كله الدين الواحد ان يخرجوا من صمتهم ويلفظوا مقاعد المتفرجين لتكون مباراة الخميس عرسا كرويا تصلح فيه ما كان.
 
المبادر في صلة الرحم من الطرفين لن يكون متخاذلا بل سيكون بطل التاريخ. ماذا لو ان منتخب الجزائر دخل المباراة وهو يحمل علم مصر بيده ووردة بالاخرى ومنتخب مصر يدخل بعلم الجزائر ووردة بالمقابل. ليتني لا استيقظ من هذا الحلم. خلف البرماوي - الغد