صحيفة العرّاب

الفتيات يقتحمن مهنة الحارس الخاص في مصر ويقمن بحراسة السيدات

مهنة الحارس الخاص تحولت اليوم إلى مهنة للنساء بعد أن كانت للرجال فقط، بعد أن قررت المرأة أن تقتحم هذا النوع من المهن، تخلع فيها رقتها وأظافرها الملونة، منحية جانبا أنوثتها وأدواتها التجميلية على عتبات العمل الجديد، وهو حراسة الرجال، ولم لا، الرئيس الليبي معمر القذافي جعل طاقم حراسته الخاصة من النساء.

 «المهم وعلى عكس المتوقع، انتشرت في مصر مهنة «الليدي غارد»، لتصبح منافسا قويا لـ«البادي غارد» التي امتهنها الرجال لفترة طويلة»، هذا ما قاله محمود فتحي، مدير التسويق والمبيعات في شركة فالكون للأمن والحراسة وهي الشركة المصرية الوحيدة التي تعمل على توفير «الليدي غارد» المؤهلة بأعلى التدريبات لحماية الشخصيات العامة والمشاهير.
 
يقول فتحي: لم يعد أمرا مدهشا أن تعمل الفتيات في مهنة الحراسات الخاصة، فالمرأة اقتحمت كل المجالات ولم تترك مجالا إلا دخلته بقوتها للتأكيد على المساواة، حتى لو كانت مهنة «ليدي غارد». «وللأمانة لقد أثبتت تفوقها بالفعل»، والدليل على ذلك أن آلاف الفتيات يتقدمن لدينا للعمل في هذه المهنة طوال العام، ولكن في النهاية نحن ملتزمون بمعايير معينة وشروط صارمة للموافقة على الفتيات المتقدمات وهو ما يقلص عددهن للعشرات فقط». وبالرغم من أن معظم الفتيات يرتدين عندما يتقدمن للعمل في أي وظيفة أبهى ما لديهن من ملابس ويضعن المساحيق لإبراز جمالهن واستحقاقهن للوظيفة بغض النظر عن السيرة الذاتية التي بين أناملهن، فإن الوضع هنا مختلف تماما، حيث يوضح فتحي أن المواصفات الخاصة للعمل في مهنة الليدي غارد تأتي في مقدمتها اللياقة البدنية كأهم الشروط طبعا. ويفضل، فتحي الفتيات خريجات كلية التربية الرياضية «نظرا لما تعتمد عليه المهنة من لياقة بدنية كاملة، وهذا لا يعني أن يكون لهن عضلات ولكنهن رشيقات سريعات الحركة والتصرف في أصعب المواقف، فضلا عن المؤهل العالي في المقام الأول، ومن ثم المؤهل المتوسط مع التفضيل التام للغة أجنبية واحدة على الأقل».
 
ويشير فتحي إلى أن الفتيات يخضعن في البداية لاختبارات قاسية، سواء كان ذلك على المستوى العضلي أو النفسي، قائلا: «تخضع الفتاة لاختبارات صحية وعضلية وحركية صعبة، وبعضها غير متوقع، كتمثيل موقف يتعرض فيه العميل لخطر وعليها التصرف، فضلا عن اختبارات نفسية متخصصة لمعرفة سرعة الاستجابة وردود الفعل، والسيطرة على الأعصاب، والتصرف بحكمة إزاء أي موقف مفاجئ».
 
بعد القبول الأول للفتيات واللاتي تتراوح أعمارهن في الغالب ما بين 20- 35 سنة، يخضعن لتدريبات متخصصة عضليا ونفسيا وتكتيكيا، يشرف عليها ضباط برتب عالية (عميد أو عقيد) من الضباط السابقين الذين أنهوا خدمتهم في وزارة الداخلية، بل إن بعضهم متخصص في مجال المخابرات، وذلك لاطلاعهن على أحدث الأساليب التكتيكية والدفاعية، والتعرف على مواطن الخطر التي تحيط بالشخصية التي تحميها.
 
عمل الفتاة كحارس خاص هنا لا يشترط زيا معينا وكثير منهن محجبات، وهذا أمر لا يشكل حرجا للفتاة أبدا كما يقول فتحي، مضيفا: «الفتاة تلتزم لدينا بزي محدد ومن حق العميل أن يختارها محجبة أو لا، ويطلق عليها لقب «سكرتيرة مرافقة»، وبعض الشخصيات تحتاج إلى أكثر من فتاة، والطاقم مكون من 3 فتيات، وفي الغالب يحتاج كبار الشخصيات إلى طاقم أو أكثر، وعموما الفتاة المحجبة تلقى قبولا لدى الشخصيات الخليجية أكثر، في إطار المحافظة على الشكل العام.
 
يرفض فتحي البوح بأسماء المشاهير وكبار رجال الأعمال والسياسيين والفنانين الذين يلجأون إلى «الليدي غارد»، على اعتبار هذا الأمر من أسرار العمل التي لا يمكن البوح بها، ويضيف أن هناك أيضا شخصيات أجنبية وعربية تلجأ سفارات بلدانهم في القاهرة لتزويدهم بالحماية الخاصة لتأمين وجودهم أثناء المؤتمرات الدولية أو الزيارات الخاصة والإجازات.
 
أما ما يتطلبه هذا العمل على الصعيد النفسي، فيشير فتحي إلى أن الفتيات يخضعن لتدريبات نفسية على يد خبراء تنمية بشرية وأطباء نفسيين لتمكينهم من السيطرة على مشاعرهن تماما، سواء كان ذلك تجاه سيدة تحرسها أو تجاه أماكن مهمة ومختلفة تتعرف عليها الفتاة لأول مرة. يقول «لا مجال للغيرة الأنثوية في عملنا، فنحن نقدم خدمة مع الاحترام التام والتقدير لكلا الطرفين، هذا بالإضافة إلى أن الفتاة تخضع لتدريبات نفسية مركزة للتعامل مع الأماكن المهمة التي قد تدخل إليها لأول مرة في حياتها كالمنشآت الدولية والمقرات الدبلوماسية وهو ما يحتاج إلى توازن نفسي تام قبل التوافق العضلي والجسماني.
 
وشرط آخر مهم جدا وهو على الفتاة التي تعمل في هذه المهنة أن تتحلى بكامل الأمانة وكتمان الأسرار، لأنها تكون مع العميل مثل ظله ولا تتركه إلا عند النوم، وهذه أمور حاسمة تماما في مهنتهن».
 
ويلفت فتحي إلى أنه أمنيا ممنوع تماما حمل السلاح لهؤلاء الفتيات، وهذا قانون لا يمكن المراوغة فيه، ولكن الفتاة يمكنها التعامل تماما مع أي موقف من شأنه حماية عميلها بطرق مختلفة بعيدا عن السلاح. ولقد قامت الشركة بإبرام بروتوكول تعاون مع أحد المراكز المتخصصة في تخريج الفتيات «الليدي غارد» في الصين وأوفدت مجموعة منهن بالفعل للوقوف على أحدث طرق الدفاع عن النفس وعن الآخرين.
 
وينفي فتحي ما يقال عن أن هذه المهنة تمنع الفتيات من حياة اجتماعية مستقرة، أو تفقدهن أنوثتهن في المجتمع الرجولي، ويقول: «على العكس تماما، كثير من هؤلاء الفتيات مخطوبات وعلى وشك الزواج، كما أنه يتم التأمين عليهن تماما صحيا واجتماعيا، وبالتالي فإن فرصة تركهن للعمل غير واردة خاصة في ظل التدريبات الكبيرة والمكلفة في الوقت نفسه، ويحصلن بالتالي على إجازات خاصة، مثل اجازة الأمومة بعد فترة الحمل، بشرط أن يعدن بسرعة إلى لياقتهن البدنية والنفسية لممارسة العمل».
 
ويضيف قائلا: «نظرة المجتمع لهن مختلفة نوعا ما، ولكنه الاختلاف من باب القوة وليس من باب الاستخفاف أو التقليل من الشأن، وكثير من الشباب المرتبطين بهؤلاء الفتيات سعداء بأن خطيبته أو زوجته ستكون قادرة على حماية نفسها قبل كل شيء في أي موقف ليس هو موجود به، فضلا عن الذكاء الخاص وسرعة البديهة الذي يجب أن تتمتع به الفتاة التي تعمل في هذه المهنة».
 
في هذا السياق أيضا يشير فتحي إلى أن الفتاة التي تعمل لديهم تحصل على تأمين من قبل الشركة، منذ خروجها في مهمة العمل. «نحن لا نترك بناتنا لعامل الصدفة، بل نؤمن وجودهن تماما من خلال معرفة خط سير العميل خلال فترة التعاقد والأماكن التي ستذهب إليها، كما أن الفتاة على اتصال مباشر بالشركة من خلال (غرفة عمليات) للطوارئ حال ما تعرضت لأي مشكلة من أي نوع».
 
ويؤكد قائلا: «هن بناتنا ونخاف عليهن تماما، كما نخاف على حياة العميل، وبالتالي من حقنا أن نعرف مهمة العمل. والشركة أيضا من حقها رفض توفير فتاة لأي عميل وفقا لاعتبارات خاصة بها.. وفي الغالب نعمل على توفير الفتيات «الليدي غارد» للسيدات على اختلاف مواقعهن الاجتماعية أو الدبلوماسية، خاصة أن هناك بعض المشاهير يفضلون ذلك لزوجاتهم في المقام الأول توفيرا لحرج الزوجة من وجود رجل معها طيلة الوقت طبقا للتقاليد الشرقية».