صحيفة العرّاب

القيود الأمنية "لعنة" تطارد المواطنين.. " 100 " ألف مواطن مطلوب امنيا!!

اعتبرت جهات حقوقية ومنظمات حقوق إنسان، بقاء القيود الأمنية مفروضة على أشخاص ارتكبوا جنحا أو جنايات مدى الحياة لعنة تطارد هؤلاء الأشخاص طوال عمرهم وتشكل عائقا أمام كسبهم لقمة عيشهم فضلا عن كونها غير مبررة وتحاصر حياة الإنسان.

 وشددت تلك الجهات على أهمية إعادة النظر بالمدة الزمنية التي يبقى فيها القيد الأمني مفروضا على الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم وجنحا وتمت معاقبتهم.
 
وقدرت الجهات المختصة عدد الأشخاص المطلوبين والمفروضة عليهم قيود أمنية بأكثر من 100 ألف مواطن معظمهم من أرباب الأسر الأمر الذي يشير إلى أن آلاف الأسر مهددة بالانهيار والتفكك جراء عدم قدرة رب الأسرة على العمل بسبب القيود الأمنية المفروضة عليه.
 
وبالتزامن مع مطالبات جهات قانونية ومنظمات حقوق إنسان بضرورة إعادة النظر بتلك القيود بما ينسجم مع حقوق الإنسان كشفت إحصائية صادرة عن إدارة التنفيذ القضائي النقاب عن عدد الطلبات التي نفذتها تلك الإدارة في العام 2009.
 
التنفيذ القضائي يتعامل مع 137.473 طلب في عام 2009
 
وبينت الإحصائية أن عدد تلك الطلبات بلغ 137.473 طلبا لمختلف المحاكم، فيما بلغ عدد الطلبات المدورة لنفس العام 69.838 طلبا، وبلغ عدد الطلبات المنفذة من المدور السابق 61.594 وبلغ إجمالي المنفذ الحالي والمنفذ السابق 199.067 وبلغت نسبة المنفذ الحالي من الطلبات حوالي67% في حين بلغ عدد الأشخاص الذين راجعوا شاشات خدمة الجمهور في محاكم قصر العدل الجديد والقديم والزرقاء واربد والمفرق ما مجموعه 399.010 من تاريخ تشغيل الخدمة وحتى نهاية العام الماضي.
 
وبلغ عدد المستثمرين المطلوبين للقضاء (14) مستثمرا يوجد بحقهم (32) طلبا قضائيا قام (10) مستثمرين بإنهاء ما مجموعه (15) طلبا ولا يزال (4) مستثمرين مطلوبين للقضاء حتـى الآن.
 
وفي ظل هذا الواقع المؤلم لآلاف المواطنين عبرت مديرية الأمن العام من جهة، والسلطة القضائية من جهة أخرى عن عدم مسؤولية كل منهما عن فرض تلك القيود، وبرز ذلك من خلال التصريحات المتناقضة لكل من الناطق الرسمي باسم مديرية الأمن العام الرائد محمد الخطيب والذي أكد في تصريحاته ان الأمن العام ليست هي الجهة التي تفرض القيود الأمنية وإنما السلطة القضائية، بيد أن القاضي جهاد العتيبي أكد في المقابل أن القضاء غير مختص بالقيود الأمنية.
 
ودلل العتيبي في تصريحات خاصة لـ "الحقيقة الدولية" على ذلك بالقول بان كافة المعلومات المتعلقة بالقيود الأمنية موجودة لدى إدارة المعلومات الجنائية التابعة للأمن العام.
 
8171 نزيلا في السجون
 
وبين الرائد الخطيب في تصريحات خاصة لـ "الحقيقة الدولية" أن عدد المقيمين في مراكز الإصلاح والتأهيل خلال الشهر الماضي بلغ (8171) نزيلا بينهم 4126 محكوما والبقية موقوفون قضائيا بقرار من النيابة العامة أو المحكمة المختصة وإداريا سندا لقانون منع الجرائم.
 
وأكد الخطيب أن الأمن العام ينفذ الأحكام القضائية وانه لم يسبق له وان سجل قيدا على مواطن راجع المحكمة، مبينا أن القيود الأمنية تسجل على الأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية سواء كانت بالبراءة أو عدم المسؤولية أو بالعقوبة.
 
وأوضح بان الكثير من القضايا التي تحتاج إلى الفصل تتضمن أسماء شهود غير معروفة عناوينهم يتم التعميم عليهم كمطلوبين لمراجعة المحكمة للقضية موضوع الفصل، مؤكدا أن الأشخاص المطلوبين بالجلب هم من يسجلون ضمن القيود الأمنية.
 
100 ألف مواطن مقيد امنيا
 
وبين هذا وذاك يرى رئيس قسم السجون والمعتقلات في المنظمة العربية لحقوق الإنسان المحامي عبد الكريم الشريدة أن التصريحات المتناقضة للجهات المسؤولة عن فرض القيود الأمنية سببه صعوبة تقدير عدد المواطنين المفروض عليهم قيود أمنية.
 
وبين الشريدة أن المنظمة العربية لحقوق الإنسان أطلقت "حملة قيدتمونا" كون عدد المقيدين امنيا يصل لنحو 100 ألف مواطن.
 
وأوضح الشريدة بان المقيدين امنيا يقسمون إلى قسمين الأول يضم المطلوبين على خلفية أحكام قضائية والثاني يضم المطلوبين للأمن العام مؤكدا صعوبة تحديد عدد المقيدين امنيا لكن عددهم لا يقل عن مئة ألف مواطن تم تقييد العديد منهم امنيا لمجرد صلة القربى التي تربطهم بأشخاص فارين من وجه العدالة وبخاصة ذوي القربى من الدرجة الأولى ومنهم المطلوبون على خلفية قضايا البورصات.
 
وبين الشريدة أن المنظمة أطلقت مؤخرا حملة بعنوان "قيدتمونا" لمنع تسجيل أي قيد امني على أي مواطن يراجع القضاء ضمن السجلات والقيود الأمنية، موضحا بان ثمة أشخاصا كثيرين يراجعون المحاكم لقضايا مختلفة لا يجوز وفق القانون والدستور تسجيل قيود أمنية عليهم.
 
من جانبه بين رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان فرع الأردن المحامي هاني الدحلة أن المنظمة طالبت باستمرار بإلغاء القيود الأمنية المفروضة على المواطنين بسبب عدم شرعيتها وبخاصة أن الكثير منها يتم بدون قرار من المحكمة.
 
وأوضح أن الأصل أن المحاكم هي من تقوم بتسجيل القيود الأمنية عبر أحكام قضائية وليس تسجيلها من خلال مديرية الأمن العام، باعتبار استمرار تسجيلها على النحو القائم حاليا بحق المواطن يعد مخالفة للقانون ولحقوق الإنسان ما يتوجب إلغائها بشكل عاجل.
 
ولفت الدحلة إلى تلقي المنظمة التي يرأسها نحو 40 شكوى سنويا بخصوص القيود الأمنية وانه تمت مخاطبة الجهات المعنية لإلغائها لكن لم تلب طلبات المنظمة في هذا الخصوص.
 
وانتقد عدم تجاوب الجهات المختصة والمسؤولة وبينها مديرية الأمن العام ورئاسة الوزراء ووزارة الداخلية والحكام الإداريون مع مخاطبات المنظمة وكتبها الرسمية حيث لم تصلنا أية ردود على تلك المخاطبات.
 
تجاوزات على القانون والدستور
 
من جهته أوضح نقيب المحامين السابق صالح العرموطي أن الدستور أعطى ضمانات لحرية المواطن وصون كرامته وحمايته، بيد أن هناك تجاوزات على القانون والدستور من بينها عدم إلغاء القيود الأمنية بحق المواطنين التي تصدر أحكاما ببراءتهم أو بعدم مسؤوليتهم.
 
واعتبر العرموطي تسجيل قيود أمنية بحق أي مواطن دون مبرر وسند قانوني مخالفة صريحة للدستور والقوانين النافذة وكذلك لضمانات حرية الإنسان مؤكدا أن تلك الإجراءات تشكل خطورة كبيرة على المجتمع كونها تحول الإنسان البريء إلى مجرم.
 
وشدد على أهمية اقتصار القيود الأمنية على الأحكام القضائية المبرمة وان يتم استحداث دائرة للسجل العدلي لمراقبة القيود الأمنية وتسجيلها وإلغائها حفاظا على حقوق وحريات وكرامة المواطن وللحيلولة دون القيود الأمنية غير القانونية.
 
ويرى العرموطي أن غياب تلك الإجراءات التي طالب بها يؤدي إلى تنفيذ خاطئ وتعسف في استعمال السلطة من قبل الحكام الإداريين عند تنفيذ قانون منع الجرائم الذي يقيد حرية المواطن.
 
وأشار إلى تعدي الحكام الإداريين في كثير من الأحيان وبخاصة فيما يتعلق بالتوقيف الإداري على القضاء صاحب الولاية وفق الدستور في أي نزاع حقوقي أو جزائي.
 
وأشار إلى وجود عدد من المواطنين لا ينطبق عليهم قانون منع الجرائم وبينهم من تصدر بحقهم أحكام قضائية بإخلاء سبيلهم مؤكدا انه ورغم صدور تلك الأحكام إلا انه يتم توقيفهم إداريا بشكل يتعارض مع الدستور والقانون واستقلال السلطة القضائية ويشكل جرما وهو حجز الحرية الذي يرتب المسؤولية الجزائية على الحاكم الإداري، مشددا في ذات الوقت على أهمية صون كرامة المواطن وعدم مخالفة الدستور وأحكام القوانين.الحقيقة