صحيفة العرّاب

10.8 مليار دينار إجمالي الدين العام الداخلي والخارجي للمملكة

تشير البيانات المتعلقة بالمديونية العامة للمملكة بحسب وزارة المالية ان اجمالي الدين العام الداخلي والخارجي بلغ حتى نهاية تشرين الثاني من 2009 مايقرب من 10831 مليون دينار منها حوالي 7090 مليون دينار مجمل الدين العام الداخلي وحوالي 3741 مليون دينار الرصيد القائم غير المسدد للدين العام الخارجي ويشكل المجموع مانسبته 8ر66 % من الناتج المحلي الاجمالي بعد استبعاد اثر ارصدة الودائع الحكومية لدى البنوك المحية والمقدرة بحوالي 1179 مليون دينار .

وبحسب الاسلوب المتبع من قبل وزارة المالية لاستخراج صافي رصيد الدين العام اذ تقوم باحتساب ارصدة الودائع الحكومية من خلال خصمها من اجمالي رصيد الدين وصولا الى صافي رصيد المديونية الذي بلغ وفقا لذلك ما يقرب من 9652 مليون دينار حتى نهاية الفترة ذاتها وليشكل ما نسبته 6ر59% من الناتج المحلي الاجمالي المقدر لعام 2009 مقارنة مع السقف المحدد لها بموجب قانون الدين العام والذي تم تحديده بما لايتجاوز نسبة 60% من الناتج المحلي الاجمالي.
الاحصائيات الواردة لحجم المديونية ونسبتها الى الناتج المحلي لاتشمل بطبيعة الحال الاخذ بعين الاعتبار الاحتياجات التمويلية للخزينة خلال الشهر الاخير من عام 2009 شهر كانون الاول والتي يقدر حجمها بما لايقل عن 300 مليون دينار لتغطية الاحتياجات التمويلية للنفقات الاضافية التي صدرت بموجب القانون المؤقت لملحق الموازنة 2009 وبما يشير الى ان صافي رصيد الدين العام مع نهاية العام 2009 لامس السقف المحدد له بموجب قانون الدين ان لم يكن قد تجاوزه بقليل كما ان الاحتياجات التمويلية المقدرة للعام الحالي 2010 لتغطية عجز الموازنة المقدر بنحو 685 مليون دينار ستؤدي الى نتيجة حتمية لتجاوز نسبة السقف المحدد للاقتراض بموجب القانون .
وضع المديونية لاسيما الداخلية منها يتطلب بالضرورة الى وقفة جدية من قبل الحكومة للتفكير بمخرج قانوني يضمن لها عدم تجاوز حدود القانون من جهة ولتوفير مزيد من الاحتياجات التمويلية اللازمة لتغطية عجز موازنة 2010 لاسيما وان وزير المالية الدكتور محمد ابوحمور عرف عنه انه من اوساط المحافظين والمتشددين بالتقيد بنصوص واحكام القوانين والانطمة المعمول بها وعدم السماح للتجاوز مهما كانت الاسباب بالاضافة على عدم السماح بصرف اية نفقة دون ان تتوفر لها التغطية القانونية الكاملة .
البدائل والخيارات المطروحة امام الحكومة محدودة وفي اضيق حدودها ولا يوجد خيار امامها سوى نافذة واحدة وحيدة تقتضي اعادة النظر باحكام ونصوص قانون الدين العام الحالي رقم (8) لسنة 2008 ومن خلال توسيع هامش النسب المحددة لسقف الاقتراض لاسيما الداخلي منه والذي تحدد بنسبة (40%) من صافي الرصيد وكذلك نسبة (60%) من الرصيد القائم للمديونية العامة من الناتج المحلي الاجمالي باسعار السوق الجارية .
اصدار قانون جديد للدين العام يمنح الحكومة هامشا اوسع للاقتراض ويعيدنا الى المربع الاول للعمل بموجب قانون الدين السابق رقم (26) لسنة 2001 والذي تم الغاؤه عام 2008 في خطوة استهدف تضييق نسب الاقتراض بشقيه الداخلي والخارجي لكبح جماح تفاقم حجم المديونية واستبدلت نسب الاقتراض الداخلي والخارجي بموجب القانون الصادر عام 2008 ليجعل نسبة الاقتراض الداخلي (40%) بدلا من (60%) من صافي الرصيد وكذلك نفس النسبة للاقتراض الخارجي على ان لايتجاوز الرصيد القائم للدين العام في أي وقت من الاوقات على (60%) بدلا من نسبة (80%) من الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الجارية وفقا للقانون رقم 8 لسنة 2008 المعمول به حاليا مقارنة مع القانون الذي سبقه. الخيار المطروح امام الحكومة باصدار قانون جديد للدين العام يتضمن توسيع هامش نسب الاقتراض الداخلي والخارجي بما في ذلك تمديد فترة السداد للقروض المترتبة على الخزينة خيار صعب ومرير كمن يعالج الجرح من خلال الكي بالنار وله انعكاسات سلبية على اداء السياسات المالية وربما على مستوى الاقتصاد الوطني بمجمله من خلال تزايد عبء المديونية من حيث تفاقم حجمها بالاضافة الى ما تعكسه من اعباء مالية ثقيلة تتمثل بكلفة خدمتها على الخزينة العامة كما ستحتل مساحة واسعة من حيث تخصيص الموارد المتاحة بقانون الموازنة على حساب مخصصات اخرى للوفاء بتسديدها لاسيما وان تقرير صندوق النقد الدولي اشار الى تزايد عبء خدمة المديونية الداخلية التي ستشكل ما نسبته 12% من حجم الايرادات المحلية على اقل تقدير لتتجاوز ما مقداره 480 مليون دينار سنويا لكن هذ العبء مرشح للارتفاع طرديا مع تزايد حجم المديونية مستقبلا.
عدة عوامل ساهمت في اطلاق يد الحكومة السابقة نحو التوغل بالاقتراض الداخلي وربما ستدفع ايضا الحكومة الحالية بالنهج نفسه مما اتاح الفرصة لها باللجؤ للاقتراض لتوفير مصادر التمويل في ظل تراجع حصيلة الايرادات المحلية وتضاؤل حجم المساعدات المالية الخارجية لدعم الموازنة بسبب تداعيات الازمة الاقنتصادية والمالية العالمية ولعل في مقدمة هذه العوامل انسحاب البنك المركزي الاردني من سوق الائتمان المحلي ومن خلال التوقف عن اصدار شهادات الايداع لقطاع البنوك والشركات المالية بعد اندلاع الازمة العالمية ببضعة اشهر مما اتاح لسوق الائتمان المحلي وفرة نقدية تقدر بحوالي 5ر2 مليار دينار في ظل توقف المركزي الاردني عن اصدار قيمة شهادات الايداع هذه في خطوة استهدفها البنك المركزي لتحرير جانب من السيولة النقدية للبنوك المحلية العاملة في المملكة ودفعها لتنشيط وتفعيل حركة الاقراض والتسهيلات الائتمانية للقطاع الخاص لكن اجراء المركزي هذا جاء ليصب بالنتيجة في مصلحة القطاع الحكومي وعن غير قصد من قبل المركزي الاردني في ظل احجمام البنوك المحلية عن تقديم التسهيلات الائتمانية والقروض الكافية للقطاع الخاص نتيجة قيامها برفع علاوة المخاطر في ظل الازمة العالمية ووجدت البنوك في القطاع العام مقترضا مضمونا وسهلا لتسويق ائتمانها له كما كان لاستحواذ القطاع الحكومي على نصيب الاسد من حصة السوق من التسهيلات والقروض المحلية على حساب حصة القطاع الخاص .
غياب انعقاد مجلس النواب في هذه المرحلة لحين انتخاب مجلس جديد خلال فترة الربع الاخير من العام الحالي 2010 سوف يسّهل من اجراءات اعداد واصدار قانون مؤقت لقانون الدين العام وادارته من قبل الحكومة بالصورة وبالشكل الذي يلبي احتياجاتها التمويلية من خلال الاقتراض على الصعيدين الداخلي والخارجي لكنها ستكون نقطة تحسب عليها وليس لها . الراي