• المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
  • يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

التحديث السياسي بوصفه خياراً استراتيجياً

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2025-12-01
495
التحديث السياسي بوصفه خياراً استراتيجياً

 

د. محمد أبو رمان

 

ليس من باب المصلحة الوطنية أن نبدأ بالحديث، سياسياً وإعلامياً، عن خطوات راديكالية من الناحية السياسية والدستورية في التعامل مع الأمر الدستوري الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بخصوص التمهيد لاعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية في كل من مصر والأردن ولبنان، وما يعنينا هنا الوضع في الأردن وانعكاساته على شبكة الجماعة المنحلة من أفراد ومجموعات وتجمعات، ولعلّ السؤال الأكثر أهمية هو الذي يتعلّق بحزب جبهة العمل الإسلامي.

فلقد بدأنا نقرأ دعوات من سياسيين وكتّاب وناشطين إلى حل مجلس النواب وتعديل الدستور وغيرها من إجراءات لا تتم إلاّ في مراحل استثنائية ومنعطفات تاريخية خطيرة، والجنوح إلى هذه الخيارات يعطي رسائل وإشارات حول الوضع الداخلي ذات أبعاد وطابع سلبي.

بعيداً عن الأزمة الكبيرة بين الدولة وجماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وكذلك حزب جبهة العمل الإسلامي، فإنّ مشروع التحديث السياسي يتجاوز هذه الاعتبارات والأبعاد، ويمثّل خياراً استراتيجياً وطنياً لتطوير الحياة السياسية والانتقال إلى الصيغة البرامجية والحزبية والعمل المنظم، وتشكيل الحكومات على أسس جديدة مختلفة عن اعتبارات الصداقة والقرابة والتوزيع الجغرافي، اعتبارات ذات أبعاد سياسية وفكرية وبرامجية، وهو المشروع الذي جاء قبل الانتخابات النيابية الأخيرة، ويمتد إلى الدستور وقوانين الأحزاب والانتخاب، ويشمل تصورات استراتيجية مهمة تتمثّل بإدماج جيل الشباب في المجال العام وتعزيز دورهم السياسي وتطوير دور المرأة الأردنية في المجال السياسي كذلك..

إذن، ليس من المنطقي أو الواقعي أن نقوم بالتضحية بمشروع وطني أردني مهم يعكس تصورات الملك لمستقبل الدولة، تلك التي جاءت في أوراق المشروع، وعكستها قبل ذلك الأوراق النقاشية الملكية، من أجل أزمة جزئية يمكن التعامل معها وطنياً وباعتباراتنا الداخلية، وحتى بالحوار مع الأميركيين، وهو سيناريو طالما وقع، أياّ كان الموقف من مصير جبهة العمل الإسلامي، الذي يمثّل حزب المعارضة الأكبر في البلاد، ومن الواضح أنّ هذا الملف لم يحسم بعد في دوائر القرار، ويرتبط بمجموعة من المتغيرات، منها ما يتعلّق بالتحقيقات والقضايا المتعلقة بالتداخل المالي بين الحزب والجماعة، ومنها ما يتعلّق أيضاً بقدرة الحزب على إدراك خطورة اللحظة التاريخية وحجم الكلفة السياسية الكبيرة التي من الممكن أن يدفعها في حال لم يستطع أن يقدم رسائل وخطابات واضحة مطمئنة للدولة والعديد من القوى السياسية الداخلية.

في السياق نفسه كتب الصديق د. غيث القضاة، مقالاً تحليلياً مهماً (على موقع معهد السياسة والمجتمع) بني على فرضية رئيسية تتمثل في أنّ هنالك لوبياً صهيونياً وإسرائيلياً ومراكز تفكير وأبحاث في واشنطن تعمل منذ فترة طويلة ستكون قادرة على ربط الحزب بالجماعة، وبالتالي فإنّ مسألة بقائه ستكون معقدة وصعبة؛ لذلك يقترح القضاة سيناريوهين لمستقبل الحزب؛ الأول وهو الاندماج بحزب سياسي آخر والثاني التخلي عن الإطار الحزبي الحالي والتحول نحو حزب سياسي جديد، وهي خيارات ممكنة، لكنه سابقة لآوانها فما هو أهم من الحزب ومصيره هو مشروع التحديث السياسي، ومن هذا المنطلق من الضروري أن نعمل على حماية مجلس النواب الحالي واستكمال مدته الدستورية، وذلك مرتبط ببقاء الحزب بوصفه الأقلية المعارضة، لكن مع إدارة حوار استراتيجي ومعمق مع الدولة للتعامل مع أي مخرجات ممكنة لقرار الرئيس دونالد ترامب..

تجربة التحديث السياسي؛ بالرغم من العثرات والتحديات والإشكاليات التي تواجهها، تحمل مؤشرات جيدة نحو المستقبل، على أكثر من صعيد، منها تجذير دور الأحزاب السياسي وتعميق وجودها في الحياة السياسية، ومأسستها ومساعدتها على تطوير قدراتها التعبوية والسياسية والإعلامية؛ وهذا خط مهم لمستقبل الأردن، وقد دفعت الدولة رأس مال سياسي كبير في مشروع التحديث، وأيّ إشارات أو رسائل للتخلي عنه ستكون مكلفة على صعيد المصداقية السياسية وإيمان جيل الشباب بأنّه يمكنهم فعلاً المساهمة عبر الأحزاب السياسية في عملية صنع القرار السياسي.

'الدستور'
 
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.