صحيفة العرّاب

خبراء: مشتركو الخطوط المدفوعة مسبقا الأكثر تأثرا بقرار مضاعفة الضريبة

 من المنتظر أنّ يلمس مشتركو الخدمة الخلوية خلال المرحلة المقبلة زيادة في تكاليف استخدامهم التي أكّد خبراء ومعنيون في القطاع انّها أضحت "سلعة أساسية لكل فئات المجتمع، وذلك عقب إعلان الحكومة أول من أمس رفع الضريبة الخاصة عليها من 4% الى 8%. 

  وبحسب مسؤولين في شركات الخلوي الذي يشهد منافسة هي الأشد مقارنة بأسواق المنطقة، سيتحمّل مشتركو الخدمة الخلوية الزيادة في الضريبة الجديدة والتي ستطبّق على فئتي الخدمة، مشتركي الفواتير الشهرية، وأصحاب الخطوط المدفوعة مسبقاً، إذ سيلحظ هؤلاء زيادة في تكاليف الفاتورة الشهرية وأسعار بطاقات الشحن للمدفوع مسبقاً.
 
 لكن هؤلاء أكدوا أنّ فئة الخطوط المدفوعة مسبقاً - التي تشكّل حوالي 90% من إجمالي اشتراكات الخلوي وتضم في سجلاتها الغالبية من ذوي الدخل المحدود والشباب الذي يسعون الى التحكم بمصاريفهم - ستكون الأكثر تأثراً بقرار رفع الضريبة من خلال تراجع حجم استهلاكهم أو تحولهم الى فئات شحن أقل خصوصاً خلال فترة الشهور القليلة المقبلة.
 
 وأشاروا الى أنّ طول فترة تراجع الاستهلاك ستعتمد على الظروف الاقتصادية والمعيشية للمواطن الذي من المفترض أنّه سيعيد حساباته في مسألة المصاريف على سلع كمالية أو أساسية من جهة، ومن جهة أخرى سيعتمد ذلك على سلوك الشركات فيما لو ارتأت بعضها تحمل نسبة من هذه الضريبة عن طريق عروض أو تخفيض أسعار في ظل منافسة شديدة في سوق الخلوي أسهمت العام الماضي في تراجع إيرادات هذه الشركات.
 
 وأكدوا كذلك لـ "الغد" أنّه لم يتم إبلاغها رسمياّ بالقرار وكيفية وآلية التطبيق، مؤكدة أنّ المشترك في النهاية سيتحمّل هذه الضريبة التي ستظهر إما في زيادة على الفاتورة الشهرية أو أسعار بطاقات الشحن.
 
 شركة "زين" صاحبة الحصة السوقية الأكبر في سوق الخلوي اعتبرت هذا القرار المفاجئ إجراء سلبيا سيزيد إلى حد كبير من الأعباء المترتبة على المواطنين في ظل ارتفاع أسعار السلع والخدمات في المملكة.
 
 وترى زين أن هذا القرار لا يتماشى مع توجهات الحكومة فيما يتعلق بزيادة انتشار خدمات الاتصالات في المملكة وزيادة حجم إقبال الزبائن على خدمات المحتوى والبيانات، في الوقت الذي كان القطاع يتوقع أن تتخذ الحكومة إجراءات من شأنها تحفيز نمو قطاع الاتصالات وزيادة نسبة انتشار الخدمات.
 
 وقررت الحكومة أول من أمس رفع نسبة الضريبة الخاصة على المكالمات الخلوية من 4% الى 8%، اعتبارا من يوم أمس الأربعاء، في محاولة لسد العجز الذي تعاني منه موازنة الدولة للعام 2010.
 
 ومع فرض الضريبة الجديدة سيرتفع إجمالي النسبة المفروضة على بطاقة الشحن أو الفاتورة الشهرية من 20.64% إلى 25.28% وهو ارتفاع تراه الشركات كبيراً، كما ترى هذه الشركات أنه من المفترض أن تتجه الحكومة لتحفز هذا القطاع وتعتبر هذه الخدمات أساسية وليست كمالية، وهم اليوم ينظرون إلى هذه الخدمات على أنها كالتبغ أو الكحول.   
 
 وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال نبيل الشريف، في تصريحات صحافية أكد أول من أمس أن قرار رفع نسبة الضريبة الخاصة يهدف الى "ضبط عجز الموازنة، وتحقيق الإيرادات العامة التي قدرت بموجب قانون الموازنة، الذي أعدته الحكومة السابقة، فضلا عن خفض تكلفة الفاتورة الشهرية لمشتركي الخلويات في الأردن".
 
 وأكد الشريف أن القرار يأتي استجابة لفرضيات موجودة في الموزانة يتوجب على الحكومة تنفيذها، مشيرا الى أن الضريبة ستفرض على المكالمات، ما يؤدي الى ترشيد الاستهلاك فيها والتي تصنف كما قال على أنها "كمالية".  
 
 بيد أنّ المدير التنفيذي للمالية في مجموعة الاتصالات الأردنية رسلان ديرانية لا يتفق مع وصف الحكومة للخدمة الخلوية على أنّها "سلعة كمالية". وأكّد أن انتشارها يثبت بأنها أصبحت "سلعة أساسية وضرورية لكل فئات المجتمع.
 
 وأكّد ديرانية أنّ القرار يأتي في توقيت "صعب" على القطاع والشركات وخصوصاً مع زيادة حدة المنافسة في السوق الخلوية، والأوضاع الاقتصادية العامة التي مر بها القطاع خلال العام الماضي والذي خفّض - وإن كان بنسبة ليست بالكبيرة - إيرادات السوق لأول مرة منذ بداية العقد الحالي.
 
 وقال "لا بد وأن هذا القرار سيزيد العبء على المشترك ما سيؤثر على المبيعات والاستهلاك"، مشيراً الى أنّ الاستهلاك على الخدمة سيتراجع خصوصاً خلال الشهور الأولى من تطبيق القرار لكنه قال إن طول فترة التراجع هذه ستعتمد على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمشتركين". 
 
 تقديرات غير رسمية تظهر أن حجم الحركة الهاتفية للخلوي تجاوز العام الماضي 17 بليون دقيقة، وجرى تبادل 2.6 بليون رسالة قصيرة (بكل أنواعها القصيرة التي يتبادلها المشتركون فيما بينهم أو ذات العلاقة بالخدمات الإضافية).
 
 وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مروان جمعة أكد أمس لـ"الغد" الضغوطات الكبيرة على الموازنة والتخوفات من تفاقم عجز الموازنة، وقال إنّ آثار قرار رفع الضريبة على استهلاك مشتركي الخلوي يتضح خلال المرحلة المقبلة فيما إذا كان سيتراجع أو يستقر أو يزيد.
 
 لكنه عاود التأكيد على أن أسعار الخدمة الخلوية (سيما الخدمة الصوتية) أصبحت بفعل المنافسة في القطاع من الأرخص مقارنة بأسواق المنطقة ما جعل الخدمة في متناول معظم فئات المجتمع، مشيراً الى أنّ الوزارة ستركز خلال المرحلة المقبلة على خدمات البيانات والإنترنت عريض النطاق والمحتوى ومساعدة الشركات والمستهلكين على اقتناء هذه الخدمات، وحصوصاً أن أسعار المكالمات الصوتية تراجعت بنسب كبيرة ما يدفع القطاع إلى مزيد من التركيز على مصادر أخرى للدخل.
 
 مسؤول في واحدة من شركات الخلوي قال إن قطاع الاتصالات يتحمّل الكثير من الضرائب، منتقداً توجّه الحكومة بالنظر الى القطاع ونجاحه لمساعدة قطاعات أخرى أو لجني المزيد من الإيرادات الحكومية لسد عجز الموازنة كما هو الحال في فرض الضريبة الجديدة، مستذكراً التوجهات السابقة الى فرض مزيد من الضرائب على القطاع مثل فلس الأعلاف أو دينار الجامعات على اعتبار أن القطاع من الأكثر ربحية في المملكة. 
 
 وقال هذا المسؤول الذي فضّل عدم ذكر اسمه "نحن كشركات لسنا مع التخفيض أو رفع الضرائب على خدمات القطاع" مستنداً في رأيه الى أنّ القطاع كشركات وكمستهلكين تعودوا على نمط ومستوى معين من الأسعار والتكاليف وأية إضافات ستؤثر سلباً على الطرفين (الشركات والمستهلك).
 
 وأضاف "لقد وصلنا لحالة من الاستقرار في الشكل الضريبي على القطاع". 
 
 ويتحمل مشتركو وشركات الاتصالات حزمة من الضرائب والرسوم، حيث تسهم شركات الاتصالات من خلال ضريبة الدخل بـ24%، والمشاركة في العوائد بنسبة 10%، وضريبة المبيعات 16%، الى جانب الضريبة الخاصة بنسبة 4%، فضلاً عن العوائد التشغيلية وعوائد الترددات السنوية ودينار الجامعات السنوي الذي سيطبّق لآخر مرة العام الحالي بعد إقرار قانون ضريبة الدخل الموحد أواخر العام الماضي.
 
 الى ذلك، انتقد رئيس هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الأسبق الدكتور يوسف منصور قرار فرض الضريبة الجديدة في مثل هذا التوقيت وقال "أعتقد أن التوجّه لفرض ضرائب في مثل هذه الظروف التي يشهد فيها الاقتصاد تراجعاً هو توجّه خاطئ لأنّه سيؤثر سلباً على العرض والطلب".
 
 واعتبر هذه الطريقة في مواجهة عجز الموازنة "تقليدية" لافتاً الى ضرورة دراسة ووضع حلول جذرية تتعلق بالإنفاق الحكومي وكيفية سد العجز بدلاً من التوجّه الى فرض ضرائب على نفس السلع والخدمات التي كانت دوماً وجهة الحكومة عند التفكير في فرض مثل هذه الضرائب.
 
 وأضاف منصور أنّه "إذا كان هدف الحكومة تقليل استخدام واستهلاك السلع الكمالية، فاستعمال الخلوي ليس خطيئة ولا يجب أن يعاقب عليه المواطن"، في إشارة منه الى أن الخلوي أضحى ضرورة من ضروريات الحياة وأداة مساعدة خصوصاً لذوي الدخل المحدود في تسيير أمور حياتهم الشخصية.
 
 تقدر الحكومة أن تجني من الزيادة في الضريبة الخاصة على الخلوي 20 مليون دينار، في وقت يقدر فيه عدد اشتراكات الخلوي في المملكة بأكثر من 6 ملايين اشتراك، فيما تؤكّد الأرقام الرسمية أن قطاع الاتصالات بكل خدماته الفرعية بما فيها الخلوي يرفد الخزينة سنوياً بحوالي 300 مليون دينار. 
 
ديرانية في حديثه لـ "الغد" أكّد أنّ فئة الخطوط المدفوعة مسبقاً ستكون الأكثر تأثراً بقرار زيادة الضريبة الخاصة على الخدمة الخلوية كونها الفئة الأكثر حساسية للسعر والتحكم بمصاريف الخدمة، لافتاً الى أنّ هذا التأثر قد يظهر في اتجاهين الأول يتمثّل في تراجع الاستهلاك بصفة عامة وخصوصاً خلال الفترة الأولى من تطبيق القرار، فيما قد يظهر الأثر الثاني في انسحاب مشتركين من بعض فئات الشحن التي تعودوا عليها وتتميز بقيم عالية، الى فئات شحن أقل. 
 
 لكن ديرانية أشار من جهة أخرى الى صعوبة التكهن بطول الفترة التي من الممكن أن يتراجع فيها استهلاك مشتركي الخلوي والذي من الممكن أن يعود الى مستوياته العادية بعد التعود على هذه الضريبة.
 
 ويعمل في سوق الاتصالات المتنقلة في المملكة أربعة مشغلين، ثلاثة يعملون في الاتصالات الخلوية وفقاً لنظام (GSM)؛ وهي شركات زين وأورانج وأمنية، فيما يعمل المشغّل الرابع وهو شركة إكسبرس في تقديم خدمات الراديو المتنقل المعتمد على تقنية IDEN، في حين تسيطر مجموعة "الاتصالات الأردنية" عبر وحدة الخط الثابت فيها على سوق الهواتف الثابتة في المملكة.
 
وكان أول دخول لخدمات الخلوي في السوق المحلية منتصف التسعينيات من القرن الماضي.