• المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
  • يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

محمد جميل الخطيب يكتب: زيارة جلالة الملك إلى أوزبكستان: أبعاد استراتيجية ودعوة لتفعيل الدور الاقتصادي الأردني

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2025-08-26
444
محمد جميل الخطيب يكتب: زيارة جلالة الملك إلى أوزبكستان: أبعاد استراتيجية ودعوة لتفعيل الدور الاقتصادي الأردني

 تشكل زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى جمهورية أوزبكستان محطة بالغة الأهمية على المستويين السياسي والاقتصادي، لما تحمله من دلالات عميقة تتجاوز الطابع البروتوكولي التقليدي، إلى كونها رسالة واضحة حول مكانة الأردن وقيادته الهاشمية على الساحة الدولية، وقدرته على بناء تحالفات نوعية تُثري مصالحه وتفتح آفاقا جديدة أمام القطاعين العام والخاص.

وتحمل هذه الزيارة ابعادا سياسية واقتصادية، فالبعد السياسي يظهر حضور إقليمي متجدد للاردن، فالاستقبال الحافل الذي حظي به جلالة الملك في سمرقند لم يكن مجرد مشهد رسمي، بل كان تعبيرا عن تقدير إقليمي ودولي لشخصية قائد فاعل ومؤثر في قضايا المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. ويعكس هذا التقدير حرص الدول الصديقة – مثل أوزبكستان – على تعزيز التعاون مع الأردن انطلاقا من إدراكها للدور المحوري الذي يلعبه جلالة الملك في تعزيز الاستقرار الإقليمي، وتقديم خطاب عقلاني متزن في بيئة دولية مضطربة.
كما تؤكد الزيارة على أهمية تنويع الشراكات السياسية الأردنية خارج نطاق الدائرة التقليدية، ما يمنح السياسة الخارجية الأردنية عمقا أوسع في آسيا الوسطى، ويعيد إحياء الروابط التاريخية والثقافية بين العالم العربي والدول الإسلامية في تلك المنطقة.
اما البعد الاقتصادي فيتمثل بفرص حقيقية بحاجة إلى تفعيل، فعلى الرغم من العلاقات التاريخية بين الأردن وأوزبكستان، إلا أن الأرقام التجارية ما تزال دون الطموح. وهنا تأتي الزيارة الملكية لتمنح دفعة قوية للجانب الاقتصادي، عبر ما حملته من رسائل واضحة ومخرجات عملية، خاصة أن زيارة جلالته ستشهد توقيع اتفاقيات وبروتوكولات تعاون بين حكومتي البلدين، وتُعد هذه الخطوات بمثابة خارطة طريق جديدة للتعاون الاقتصادي، تتطلب متابعة حثيثة وتنسيقا مستمرا لترجمتها إلى مشاريع فعلية واستثمارات متبادلة.
وها يظهر جليا الدور الحكومي في تهيئة البيئة وتذليل العقبات، ما يتطلب البناء على نتائج الزيارة تحركا رسميا سريعا لتهيئة البيئة التشريعية والإجرائية الداعمة للتبادل التجاري، وأبرزها: تسهيل حركة البضائع من خلال دراسة إمكانية إنشاء خطوط نقل بديلة، خاصة في ظل غياب خطوط طيران مباشرة بين البلدين، إزالة الحواجز الجمركية والإدارية عبر اتفاقيات ثنائية تحفز التبادل وتقلل من الكلف، تشجيع الاستثمار المشترك بإنشاء مشاريع ثنائية أو مناطق صناعية مشتركة، خاصة في المجالات ذات القيمة المضافة.
كما أن على السفارات الأردنية في آسيا الوسطى – وخصوصا في طشقند – أن تلعب دورا محوريا في تسويق الفرص الاقتصادية الأردنية، وبناء قاعدة بيانات دقيقة حول الأسواق المستهدفة، ما يساهم في تقليص فجوة المعلومات بين الفاعلين الاقتصاديين في البلدين.
أما الرهان الحقيقي في المرحلة المقبلة، فهو على القطاع الخاص الأردني، باعتباره المحرك الفعلي لأي شراكة اقتصادية ناجحة. فقد كشفت لقاءات غرفتي تجارة الاردن وعمّان، وتصريحات رئيسها، عن وعي متقدم وإدراك عميق لحجم الفرص الكامنة في الأسواق الواعدة مثل أوزبكستان، التي تمتلك موارد طبيعية غنية، وقاعدة صناعية متطورة، إلى جانب حاجتها المتزايدة إلى سلع وخدمات ذات جودة، وهي مجالات يتفوق فيها الأردن بفضل خبراته وكفاءاته.
ويبدو أن القطاع الخاص الأردني مستعد للدخول في شراكات فعلية مع نظيره الأوزبكي، من خلال تحركات مدروسة تشمل تنظيم وفود تجارية، وتبادل المعلومات، واستكشاف الفرص على أرض الواقع، بما يُسهم في ترجمة مخرجات الزيارة الملكية إلى إنجازات اقتصادية ملموسة.
وتكمن أهمية دور القطاع الخاص فيما استكشاف السوق بشكل مباشر من خلال تنظيم الوفود التجارية وزيارات العمل الميدانية، تقديم المنتجات الأردنية في معارض وفعاليات اقتصادية في أوزبكستان، إقامة شراكات استثمارية وتنموية، خاصة في مجالات الزراعة والتصنيع الغذائي والدواء والسياحة.
ومن أجل البناء العملي على مخرجات هذه الزيارة الملكية، فإن هناك جملة من التحركات والتوصيات التي من شأنها تحويل الفرص إلى إنجازات ملموسة. أولى هذه الخطوات تتمثل في تحويل مذكرات التفاهم الموقعة إلى برامج تنفيذية واضحة ومحددة زمنيا، بإشراف مشترك من الجهات الرسمية وغرف التجارة في البلدين. كما تبرز الحاجة إلى إنشاء لجنة متابعة أردنية-أوزبكية تضم ممثلين عن القطاعين العام والخاص، لتنسيق الجهود وتجاوز التحديات التي قد تعيق التعاون الثنائي.
كذلك، فإن إطلاق منصة معلومات اقتصادية مشتركة من شأنه أن يوفّر قاعدة بيانات دقيقة حول الفرص التجارية والاستثمارية، ويسهل التواصل بين الشركات ورجال الأعمال. وعلى صعيد آخر، يُعد ترويج السياحة المتبادلة، خصوصا السياحة الدينية والعلاجية، أداة فعالة لتعميق العلاقات بين الشعبين وتنشيط قطاع حيوي يعوّل عليه كثيرا.
أما من الناحية اللوجستية، فإن البحث في إنشاء خط شحن جوي أو بري بديل سيكون خطوة محورية لتعزيز انسياب السلع والخدمات، خاصة في ظل غياب خطوط طيران مباشرة بين البلدين. هذا النوع من الإجراءات التكاملية هو ما سيحول الزيارة من محطة دبلوماسية إلى انطلاقة اقتصادية حقيقية.
إن زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى أوزبكستان لا تُعد فقط محطة دبلوماسية بارزة، بل تُشكل فرصة استراتيجية ينبغي البناء عليها من خلال أدوات مؤسسية واقتصادية مدروسة. فالرؤية الملكية الواضحة لفتح نوافذ جديدة أمام الاقتصاد الأردني، تحتاج إلى حُسن استثمار من الحكومة، وديناميكية ومبادرة من القطاع الخاص، لضمان تحويل هذه الفرص إلى إنجازات ملموسة تخدم مصالح المملكة وتُعزز مكانتها بين دول الإقليم والعالم.
 
 
 
أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.