• المدير العام ( المفوض ) .. عماد شاهين
  • يمكنك الاعتماد على وكالة العراب الاخبارية في مسألتي الحقيقة والشفافية
  • رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

ما بين الردع والاحتواء .. إعادة إنتاج السلام وفق الرؤية الأميركية

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2025-10-27
494
ما بين الردع والاحتواء .. إعادة إنتاج السلام وفق الرؤية الأميركية

 د. عامر السبايلة

 

إصرارٌ أميركيٌّ على إنجاح خطة الرئيس ترامب لوقف الحرب في غزة والتأسيس لفكرة السلام الإقليمي، تجلّى ليس فقط في التصريحات المتكرّرة للرئيس ترامب، بل أيضًا في الزيارات الرفيعة المستوى ـــ من نائب الرئيس إلى وزير الخارجية ـــ إلى إسرائيل، والتي تصبّ في مسعى تثبيت وقف إطلاق النار وضمان الانتقال نحو المرحلة الثانية من الاتفاق، وهي الجزء الأكثر تعقيداً، والنقطة الفاصلة التي قد تستدعي أيضاً تحوّلاً أميركياً في كيفية التعاطي مع مسألة السلاح في غزة ودور حماس المقبل.


الحقيقة أن رؤية الرئيس ترامب تبدو في جوهرها إعادة إنتاجٍ لرؤيته السابقة إبّان إدارته الأولى، أي 'صفقة القرن' و'الاتفاقيات الإبراهيمية'، ولكن بصورة أشمل وأوسع تطبيقاً؛ إذ تعتمد على مسارين أساسيين: توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية لتصبح مظلة للسلام الإقليمي، والمشاريع التنموية والاقتصادية الكبرى التي تربط دول المنطقة بشبكة مصالح تجارية.

وبعد ضمان الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق ـــ سواء عبر الدبلوماسية أو من خلال نشر قوات دولية أو عربية في غزة ــــ سينتقل البيت الأبيض إلى العمل على توسيع الاتفاق الإبراهيمي والاحتفاء الدبلوماسي بإنجازه، بما يستدعي زخماً وضغطاً أميركيين لإنجاح هذه الخطوات، ويتطلّب من الإدارة حضوراً قوياً وحاسماً في فرض بعض النقاط على جميع الأطراف.

ومن هنا، تأتي مسألة منع الإعلان عن ضمّ الضفة الغربية كإحدى أبرز النقاط التي تسعى الولايات المتحدة من خلالها إلى منع انهيار التوافق والدعم الذي حظيت به رؤية الرئيس ترامب. وقد أشار الرئيس نفسه إلى تقديمه وعوداً للدول العربية لمنع الإعلان عن الضم، ما يعكس حرص واشنطن على إحكام التوافق حول رؤيتها في هذه المرحلة التي تحتاج في المرحلة المقبلة إلى مشاركات إقليمية لتثبيت الأمن في غزة، والمساهمة في إعادة الإعمار، أو حتى الانضمام رسمياً إلى الاتفاقيات الإبراهيمية والتفاعل مع الرؤية الأميركية للسلام الإقليمي.

لكن على المستوى العملي، تبدو الضغوط الأميركية حتى الآن نظريةً أكثر منها فعلية، فهي تمنع الإعلان الرسمي عن الضم أكثر مما تدفع إلى إلغاء الخطوات التي اتخذتها إسرائيل على الأرض ضمن هذا الإطار. وهذه الفجوة تُشير إلى 'تسكين سياسي' قد يحدّ من التصعيد الدبلوماسي، لكنه لا يفرض رؤية أو إجراءات ملموسة على الأرض.

وبالمفارقة، وعلى عكس ما يراه البعض، قد يعزّز تصويت الكنيست ورفض أركان الإدارة الأميركية لإجراء الضم موقفَ رئيس الوزراء نتنياهو لدى واشنطن، باعتباره شريكاً حقيقياً للولايات المتحدة، وربما الوحيد القادر على مواجهة تحدّيات الوضع الداخلي في إسرائيل ـــ مع حلفائه وخصومه ــــ والمضي قُدُماً وفق الرؤية الأميركية في أي عملية سلامٍ إقليميٍّ سريعة.

هذا السلام الإقليمي، الذي بمجرد تثبيت مرحلته الثانية في غزة، سيدفع الإدارة الأميركية إلى العمل على توسيعه في المنطقة، مما يعني أن الملفات العالقة ستعود إلى الواجهة، وفي مقدمتها الجبهات غير المحسومة، وأهمها قد يكون لبنان ومسألة سلاح حزب الله، وهو الأمر الذي يتوافق مع رغبة إسرائيل ونتنياهو في ضرورة حسمه بشكل نهائي، ضمن إطار تطبيق رؤية الرئيس الأميركي للسلام الإقليمي.

وهذا يجعل الملف اللبناني اختباراً حقيقياً: إما تقديم إنجازات تتوافق مع ما هو مطلوب دولياً، أو العودة إلى خيارات الضربات العسكرية. ومع ذلك، تبقى احتمالية الاحتواء الدبلوماسي قائمة بخطوات لبنانية تُبقي على خيار الاحتواء السياسي للحزب وارداً، لكن بالنسبة للإدارة الأميركية، هذه الخطوات لا تتعلق فقط بمسألة السلاح والقدرات، بل أيضاً بعدم السماح بأي تعطيل للرؤية الأميركية.

فالحزب الذي يواجه ضغوطاً أميركية غير مسبوقة، يواجه أيضاً تصعيداً جديداً مع تزامن التلويح الأميركي بتوجيه ضربات إلى فنزويلا لاستهداف كارتيلات تهريب المخدرات، حيث يجري ربط الحزب ونشاطاته بهذا النمط من العمليات. وقد عقد مجلس الشيوخ الأميركي جلسة خُصّصت لبحث نشاط حزب الله في أميركا اللاتينية، وتمويله، والمطالبة بفرض عقوبات إضافية على شبكات التهريب والتمويل المرتبطة به.

إنّ التلويح بالتصعيد العسكري على جبهات محدّدة، والدفع باتجاه توسيع اتفاقيات إبراهيم، قد يكونان الملامح الأبرز في المرحلة المقبلة لفرض رؤية الرئيس ترامب لما يُسمّى «السلام الإقليمي».

الغد

 

أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.