• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

النسور : لم تعد هناك قداسة للحكومات و لا هيبة روحانية

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2012-12-24
1539
النسور : لم تعد هناك قداسة للحكومات و لا هيبة روحانية

 قال رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور إن السياسة الأردنية واحدة وثابتة، وان جلالة الملك هو المعبر الأول عنها، مشيرا إلى أن سياسة جلالته أثبتت نجاحا وحكمة كبيرة.

وبين النسور، في حوار مع يومية «الدستور» نشرته صبح الاثنين، حضره وزير الدولة لشؤون الاعلام وزير الثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة سميح المعايطة ومستشارة رئيس الوزراء الاعلامية آمال جريسات، أن الحكومة مسؤولة دستورياً عن أمن البلد واستقراره وتطبيق قوانينه، إلا أنها لا تتدخل في الشأن الانتخابي مطلقا، مؤكدا أن النزاهة هي المعيار الأهم في الانتخابات المقبلة. واكد رئيس الوزراء أنه لا توجد قرارات اقتصادية ذات طبيعة تقشفية قبل الانتخابات، وقد لا تكون قبل اجتماع المجلس القادم.

وأشار رئيس الوزراء إلى زيارة مرتقبة لنظيره العراقي نوري المالكي للمملكة اليوم على رأس وفد يضم عددا من الوزراء، أوضح أنها تأتي وسط إشارات إيجابية من الجانب العراقي، ما يفتح الباب لعلاقات اقتصادية أفضل.

وردا على سؤال، بين النسور أن لدى الحكومة قائمة بأسماء معتقلين أردنيين لدى العراق سيتم بحث قضيتهم مع رئيس الوزراء العراقي اليوم.

وحول الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء المصري، قال النسور إنها كانت «زيارة واضحة ومحددة المعالم»، مشيرا الى أن تدفق الغاز المصر الى المملكة «ما زال حتى هذه اللحظة ضمن الأرقام التي وعدوا بها، ونأمل أن يستمر الأمر كذلك».

ولفت إلى أن الغاز المصري مخصص لتوليد الطاقة وليس للاستعمال المنزلي، مشيرا الى خطأ الاعتقاد بأن التزام الجانب المصري بتزويد المملكة بالغاز بالكميات المطلوبة يخفض فاتورة «الاسطوانة المنزلية» التي قال ان تكلفتها الفعلية 13 دينارا.

وردا على سؤال حول الشأن السوري وتأثير التطورات هناك على المملكة، أكد رئيس الوزراء أن الأردن سيسعى في حال وقوع تدفق كبير للاجئين إلى أن يكون ذلك داخل الأراضي السورية وليس الأردنية.

وأضاف في هذا السياق «لا نريد للاجئين الفلسطينيين في سوريا الإخلال باستقرار وضع اللاجئين الفلسطينيين في الاردن.. ولن نسمح بتدفق لاجئين فلسطينيين إلى المملكة، حفاظاً على حقوقهم في وطنهم الأصلي فلسطين».

وشدد النسور خلال اللقاء على استمرار الحكومة بالتصدي لقضايا الفساد، وقال «هناك الآن عمل على بعض الملفات التي نظر فيها مجلس النواب».

وتاليا تفاصيل اللقاء:

] الأستاذ محمد حسن التل/ رئيس التحرير المسؤول: دولة الرئيس، نريد البدء من حيث انتهت زيارة رئيس وزراء مصر، هل نستطيع أن نقول إن الملفات العالقة بموضوع الطاقة مع مصر انتهت؟.. وهناك لبس حقيقي عند الناس حول الغاز المصري الذي يأتينا، هل له علاقة بالغاز المنزلي أم هو الذي يؤثر على الطاقة الكهربائية؟.

ثانياً: سمعنا أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي سيكون غداً (اليوم) في عمان، نريد أن تحدثنا عن هذا الأمر.

- النسور: بسم الله الرحمن الرحيم، وأهلاً وسهلاً بـ«الدستور» في هذا اللقاء الأول مع صحيفة يومية، كلقاء موسع.

بالنسبة للغاز المصري، أولاً من الحكمة أن أبدأ بالسؤال الأكبر كيف كانت المفاوضات ثم هل هو الغاز المنزلي أم للطاقة الكهربائية؟.. زيارة رئيس الوزراء المصري كانت واضحة ومحددة المعالم، وبرنامجها محدد سلفاً قبل قدومه، وكان من الحكمة أن تكون النقاط معروفة. وقد بحثنا قضايا كثيرة لكن أهمها قضية الغاز بالنسبة للأردن، وقضية العمالة المصرية.

كما تعلمون، فقد وقعنا اتفاقاً ملزما بما يتعلق بالغاز المصري، ولم يكن هناك جديد في الاتفاق إلا التزام الجانب المصري الشقيق بتنفيذه، فهذا ما قمنا به، وجئنا لنؤكد على ما تم التوقيع عليه سابقاً، ففي الماضي لم يكن هناك التزام سابق، لظروف بينها الجانب المصري، ونحن تفهمناها ونحترمها، ولكن تلك الظروف زالت ولا يوجد سبب بألا يعود السير في الاتفاق، وقد وعدوا بذلك ووقعوا عليه، وحتى هذه اللحظة ما زال تدفق الغاز ضمن الأرقام التي وعدوا بها. ونأمل أن يستمر الأمر كذلك.

الجانب الثاني من السؤال كان حول نوعية الغاز، فهناك نوعان من الغاز، غاز الطهو، وهو اسطوانات الغاز، وهذه ليست الغاز المصري. الغاز المصري له هدف هو توليد الكهرباء والطاقة، ولذلك فكثير من الناس اعتقدوا أنه ما دام الإخوة المصريون سيعطوننا الغاز بالكميات المطلوبة فإن العبء على الخزينة سيخف. لكن ذلك لا يعني أن الغاز المنزلي انخفضت كلفته علينا. في هذه اللحظة، الغاز المنزلي الذي يباع بـ»10» دنانير للاسطوانة الواحدة، يكلف فعليا 13 دينارا، فهو الآن يباع دون الكلفة، بينما بقية المشتقات النفطية الأخرى مثل الكاز والسولار والغاز والبنزين تباع بالكلفة، وفي آخر كل شهر سوف تصدر لائحة أسعار وفق تطور السعر العالمي، صعوداً أو نزولاً، وكذلك كما تعلمون فإن الدعم سوف يستمر وكل أربعة أشهر ستكون هناك دفعة، وسيستمر على مدى السنوات ما لم ينخفض سعر النفط العالمي دون مائة دولار بمعدل شهر كامل، أي أن ينخفض كل شهر كمعدل وليس السعر، فإذا انخفض المعدل عن مائة دولار سيزال الدعم عن ذلك الشهر، ويعود بالأشهر التالية ويأتي وفق تطور الأسعار العالمية، وبالتالي يكون التعويم سعريا ومراقبا من المجتمع.

بالنسبة لزيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للأردن، فهو سيشرفنا صباح اليوم، وسيرافقه وزراء النفط والنقل والصناعة والتجارة والزراعة، ومستشار الأمن القومي، وهذا هو الوفد الرسمي العراقي. وتشكيل الوفد يعبر عن نفسه، وعما تتوقعه المملكة الأردنية الهاشمية من نتائج، بحيث يعود التعاون العراقي- الأردني في ميادين اقتصادية، تشمل النقل، والخدمات، والصادرات. ونحن نعول كثيراً على هذه الزيارة.

الحكومة العراقية الشقيقة أرسلت إشارات قبل هذه الزيارة، مبتدئة بالمنحة العراقية الكريمة بواقع مائة ألف برميل مرة واحدة. صحيح أن هذه لا تمثل سوى استهلاك 18 ساعة، إلا أنها ذات دلالة رمزية، لأنهم هم الذين أتوا بالفكرة وهم الذين تبرعوا، فهي مقدرة من قبل فخامة الرئيس العراقي وتحمل إشارات إيجابية ورغبته في التعاون.

نأمل أن نصل إلى ترتيبات تعاون وحدود اقتصادية مفتوحة بين البلدين بالاتجاهين، فهم يحتاجون العبور وتأمين الصادرات، ونحن نحتاج كذلك، ونأمل أن تؤدي المحادثات إلى هذا التعاون.



] الدستور: أي أنهم وصلوا في النهاية إلى أهمية البوابة الأردنية بالنسبة للعراق؟.

- النسور: إخواننا العراقيون لا يمكن إلا أن يصلوا إلى أهمية البوابة الأردنية. الأردن مؤهل تماماً أن يكون بلدا ذا خصوصية بالنسبة للعراق، ومن يرى الخريطة من حول العراق لا يحتاج إلى وقت ليفهم الواقع، في شماله وفي غربه وفي شرقه وفي جنوبه، فما الذي يحصل على الصادرات العراقية لو حصلت مشكلة في الخليج، أو مشكلة هرمز، فالعراق دوماً وأبداً، بصرف النظر عن نظام الحكم، يعرف أن الأردن بوابة ورئة هم يحتاجونها كما نحتاجهم نحن.

وهذه الأيام أيضاً بينت أننا نحتاج السوق العراقي، ونحتاج السوق التركي عبر العراق. الآن أصبح طريقنا إلى تركيا مقطوعا إلى أمد لا ندري كم يطول، لكن هذا هو الواقع، وبالتالي فإن مجيء معالي وزير الزراعة العراقي واضح الدلالة بأننا بحاجة كبيرة للسوق العراقي باعتباره سوقا استهلاكيا كبيرا وسوقا غنيا وواعدا بالنسبة للصادرات الخضرية والفاكهة، ونحن نأمل أن تفتح الأسواق لصادراتنا من الخضار والفاكهة.



] الدستور: هل يمكن أن تكون هناك قرارات اقتصادية مهمة قبل الانتخابات؟.

- النسور: لم أقل هذا..، فنحن تحدثنا عن أن إعادة النظر في أسعار المحروقات ليست القرار الوحيد المطروح، فهناك قرارات أخرى مطروحة، وقد ذكرت بالتحديد أن ذلك ليس قبل الانتخابات، وبالأمس قلت إنه ربما لا يكون ذلك قبل اجتماع المجلس القادم، وها أنا أعيد القول إنه لا توجد قرارات اقتصادية ذات طبيعة تقشفية قبل الانتخابات، وقد لا تكون قبل اجتماع المجلس القادم. هذا ما قلته، وهذا ما أعيده.



] الدستور: حزب الوسط الإسلامي هاجم الحكومة بشكل مباشر بأنها ستتدخل في الانتخابات وقدم شواهد على ذلك، وقبل أيام هاجمك النائب السابق يحيى السعود شخصياً وقال إنكم تتدخلون في الانتخابات، وكان هناك تأكيدات من جلالة الملك ومنكم شخصياً أنكم تقفون على مسافة واحدة من كل الفعاليات وكل المرشحين وكل القوائم وغيرها، ما الذي تقوله الحكومة في هذا الاتجاه؟.

- النسور: لم أتحدث مع حزب الوسط الإسلامي عن بعض التصريحات التي صدرت لوزير الشؤون البرلمانية والسياسية، فهذا وزير شؤون سياسية، وأمر طبيعي أن يتحدث بالسياسة والانتخابات، فيده غير مكفوفة عن التصريحات، ولكن التصريحات بالطبع منتظر منها أن تكون منسجمة مع موقف الحكومة ومع صلاحياتها، ولا ينبغي أن تتجاوز هذين المحددين.

عضو مجلس الوزراء ليس كعضو البرلمان، عضو البرلمان يغرد كما يشاء، وعضو مجلس الوزراء يغرد مع السرب، لأن الحكومة منظومة، وهذا يدركه هذا الوزير وكل وزير، فإن كانت بعض التصريحات بغير هذا التوجه فهي مما يحصل بالطبع، وهذا يحدث في السياسات، من زيادات ونواقص، لكن رئيس الوزراء لم يتحدث أحد على الإطلاق أنه تدخل في الانتخابات، وليس من حقه أن يتدخل.

الحكومة بالطبع هي حكومة مسؤولة دستورياً عن أمن البلد واستقراره وتطبيق قوانينه، ولا يجوز لأي قانون أن يكف يد الحكومة عن ممارسة صلاحياتها الدستورية، أما التدخل في الانتخابات فهو مخالف لقانون الانتخاب، وهو مخالف لقانون الهيئة المستقلة للانتخاب، ولا يجوز للحكومة ولا لوزرائها التدخل في هذا.

صحيح أنه أحياناً تختلط الأمور، ولا يتبين أين تبدأ صلاحيات هذه وتنتهي، ولكن، ينبغي ألا تؤخذ هذه الامور ببساطة أبداً، ويجب أن تراعى بدقة، وعلى الحكومة أولاً قبل الهيئة المستقلة للانتخاب أن تثبت أنها جادة في إتاحة الفرصة للهيئة لتمارس دورها كاملاً، وترتكب الحكومة خطأ إذا فعلت غير ذلك.

من جهة اخرى ، فان موضوع التعويضات الكويتية العراقية شأن عراقي كويتي، ولكننا نأمل ألا يمنع التعامل، لأن أعز إلى قلوبنا من هدف التعويضات أو غيرها أن يكون هناك وئام عراقي- كويتي. وإزاء الأخطار التي تهدد الأمة العربية والأمة الإسلامية، فأملنا نحن في الأردن كدولة محبة للوئام العربي، وساعية دوماً إليه، وخالية الطرف من الاصطفافات، ألا تكون هناك خصومة عراقية كويتية، فهذا ليس في صالحنا.

بالنسبة لميناء العقبة، فإن أهميته الاستراتيجية للعراق حاسمة، وثبتت بصرف النظر عن أنظمة الحكم كما ذكرنا سابقا، لأن هناك دائماً وأبداً جاهزية للأردن ليخدم دولة العراق وشعب العراق ويضع مقدراته وميناءه ومطاراته تحت تصرف الإخوة العراقيين، وسنستمر كذلك دون شروط سياسية.

ما يجعل ميناء العقبة ميناءً مهماً جداً للإخوة العراقيين هو استقرار الأردن، وأنه بلد آمن حين تمر قاطراته وسياراته وحوالاته وأنابيبه، حيث تمر في بلد آمن ومطمئن، وقد ثبت لإخواننا العراقيين أن بقية خطوط الإمداد من العراق وإليه أصيبت في عهود مختلفة، ولا توجد حصانة من أن تصاب في المستقبل، فنحن نضع إمكاناتنا المتواضعة ولكن الحيوية في تصرف شعب ودولة العراق الشقيقة التي نحبها ونحن أن تكون لنا علاقة قوية بها.

بالنسبة لقضية الزراعة، فإنه لعدة مرات اتصل وزير الصناعة ووزير الزراعة ووزير الخارجية، ونحن ندق الأبواب منذ حوالي شهر من أجل أن يذهب وزير زراعتنا إلى هناك، ثم جاء الترحيب باستقبال وزير الزراعة ووزير الصناعة والتجارة ووزير النقل والطاقة، وثلاثتهم كان مقررا أن يذهبوا يوم الثلاثاء القادم إلى العراق، لكن، تقررت زيارة الرئيس المالكي مساء أمس الأول، فألغيت زيارة الوفد الأردني لأن المفاوضات ستحصل هنا.

إذن، ما فتح كل هذه القصة هو تصدير المنتجات الأردنية للسوق العراقي، فالسوق العراقي يحتاجها ويقبل على المنتجات الأردنية، وأسعارها منافسة، والمسافات قريبة، لكني أريد أن أوجه نداء هنا عبر جريدة الدستور إلى إخواننا المصدرين، حيث شكا إخواننا العراقيون من أن بعض المصدرين يضعون في أدنى الحمولة بضائع من مصادر لا يرغب العراق بدخول البضاعة منها إلى أراضيه، وهي بضائع إسرائيلية، وأنا عبر جريدة الدستور أنبه الإخوة المصدرين إلى أن هذا نوع من الغش غير مقبول، ونحن كحكومة أردنية سوف نحاسب حساباً عسيراً كل مصدر يلجأ إلى هذا النوع من الغش لأنه يسيء للمصلحة الأردنية، وسوف يتلقى المصدر الذي يسيء لبلده بهذا الشكل السيئ أقصى العقوبات.



] الدستور: واضح من كلامك دولة الرئيس أنك لا تفضل استخدام الأردن لأوراق سياسية مختلفة؟.

- النسور: ما تحدثتم به عميق جداً.. أولاً: ليست لي سياسة خارجية سوى سياسة جلالة الملك، فالسياسة الأردنية واحدة، وجلالة الملك هو المعبر الأول عنها، وبالتالي فلا توجد سياسة ثانية، بل هي سياسة واحدة، وقد أدت هذه السياسة إلى أنه ليس من مصلحة الأمة الانقسام إلى أحزاب، وليس من المصلحة تقسيم المقسوم. العالم الإسلامي مقسوم، والعالم العربي مقسوم، مذهبياً وجغرافياً، حتى ضمن المذهب الواحد هنالك انقسام، وأصبح تقسيم المقسوم هو الشرط. هذا لا يؤدي إلى خدمة الأردن، فالأردن من قيادته الأولى إلى قيادته الرابعة لا يزال نفس القطر الواحد، يوحد ولا يفرق، يجمع ولا يبدد.



] الدستور: الحديث العام في البلد أنه حصل تمييز بقضية الدعم، بأن العسكري حسب دخله في الدعم فردياً حتى لو كانت زوجته تعمل، في حين أن قطاعات أخرى كالمعلمين لم تحاسب كالعسكريين، لماذا؟.

- النسور: القوات المسلحة والجهاز المدني عوملوا نفس المعاملة، لكن القوات المسلحة اعطت بعض العاملين زيادة متواضعة رمزية من مواردها، من موازنة القوات المسلحة الذاتية، ولم تكلف الخزينة ديناراً واحداً.



] الدستور: هناك موضوع أثير مراراً، وهو موضوع المعتقلين الأردنيين في العراق، فما موقفكم من هذا الملف؟.

ثانياً: هناك تجار أردنيون كانوا يتاجرون مع العراقيين ولهم أموال محجوزة عند العراقيين لم تدفع بعد، فما موقفكم من هذا الأمر؟.

- النسور: لدي قائمة أسماء، وهذه القائمة موجودة أيضاً في الرئاسة، وهذا الملف سوف نثيره خلال زيارة الوفد العراقي للأردن.

الموضوع الآخر صعب جداً، وقد كانت هناك أيام الحصار على العراق صادرات تذهب للعراق عن طريق الأردن، فأصبحوا يطلبون من الأردن أن يشتري لهم السكَّر عن طريق الموردين الأردنيين ويبيعه للعراق، والبنك المركزي العراقي يدفع للبنك المركزي الأردني هذه الأموال، وأحياناً يثمنون النفط الذي كان يأتينا من العراق، فيبيعوننا جزءا منه بالمجان وجزءا بسعر رخيص، يسجلون كم ثمن النفط في البنك المركزي، ويدفعون للسلع التي صدرها الأردنيون للعراق، فالبنك المركزي الأردني كأنه كافل لأموال الأردنيين الذين صدروا للعراق.. انهار نظام الحكم في العراق، وهناك مبلغ يبلغ نحو 300- 400 مليون دينار «مكسورة» لمصلحة مصدري الأردن على العراق. عندما جاء الحكم الجديد لم يعترف بهذه الأموال، وأرادوا أن نريهم اثباتات بأن هناك مواد تم توريدها.

بالأمس طلبت من العراقيين أن يأتي محافظ البنك المركزي، لنقوم بحل هذا الأمر، لكنهم لغاية الآن لم يبلغونا عن مجيئه، فالموقف الأردني صحيح لكننا لا نستطيع الإثبات.



] الدستور: بحكم خبرتك الطويلة في العمل العام والعمل البرلماني، كيف تقرأ صورة مجلس النواب المقبل على ضوء مقاطعة بعض القوى السياسية للانتخابات، وما ظهر من ترشيحات حتى الآن خصوصاً موضوع القوائم التي كثرت، وأهم ما يميزها قائمة الشخص الأول أو الاسم الأول؟.

- النسور: القائمة المغلقة تؤدي إلى هذا الوضع الذي نحن فيه، وهي أنها ستكون قائمة الشخص أو الشخصين وسيكون هناك أشخاص على القائمة ليس لديهم فرصة إطلاقاً. هكذا هو القانون. أنا صوّت ضد هذا القانون، وأردت أن تكون قائمة مفتوحة، بأنك حين تقبل على صناديق الاقتراع تختار من كل لائحة الباقة الأفضل عندك، فتعظم فرصة الأكفياء والقادرين، لكن، حيث تصوت على قائمة واحدة، فبكل تأكيد أن هذا يلحق ضررا بأكفياء آخرين في قوائم أخرى، فأنت كناخب قلبك متجه أن تختار من كل قائمة الأفضل، وهكذا أردت أن يكون.

أما وقد أصبح هذا القانون بهذا الشكل، فهناك تجربة، ولا يوجد قانون انتخاب في أي مكان في الدنيا صالح لكل مكان وزمان، لذلك فإن كل دول العالم تغير في قانون الانتخاب، حتى الولايات المتحدة الأميركية، قبل بضع سنوات قامت بعمل استفتاء. فالتغيير على القوانين موجود، وفي سويسرا أيضاً قبل عشرين سنة كانت المرأة لا تقوم بالتصويت.

نحن وضعنا هذا القانون، وبعد ذلك يأتي مجلس النواب وينظر ويغير بالشكل الذي يراه مناسباً، أو أن الحكومة تقترح ما تراه مناسباً.. فلنرَ التجربة ونقيمها.

بالنسبة لصورة مجلس النواب المقبل، أقول إن رأس الحكمة الأولى أن تكون الانتخابات نزيهة. إذا حشدت أقوى شخصيات الأردن وأفضلها، وزورت لهم، وأفضل كفاءة وأفضل أشخاص وقادة مجتمع وفكر، لكنك أتيت بهم عن طريق التزوير، سيكون المجلس فاشلا، فيجب أن ينجح النائب بالكفاءة. إذن، النزاهة هي المتطلب الأول، وسنرى هل الحكومة والهيئة المستقلة للانتخاب ستجري انتخابات نزيهة. إذا كان الجواب نعم وتبين لنا ذلك يوم فرز النتائج فإن المصداقية تبدأ في المجلس.

المتطلب الثاني لنثبت أن المجلس جيد أم لا هو كيفية أداء المجلس، علماً بأنه كلما زاد عدد أعضاء مجلس النواب دون روابط حزبية مسبقة سيظل العمل في المجلس فرديا وسيتسرب له الشخصانية والمصلحة الخاصة والتجاوزات والأخطاء التي وقعت فيها المجالس الأخيرة، ولذلك على المجلس الجديد، حكمائه وقادة الرأي في المجلس نفسه، أن ينتبهوا إلى هذه الناحية، وأن يكون أداء المجلس محترماً في أعين الناس ومقبولاً لديهم، وأن يكون أداء الناس مقبولاً.

المتطلب الثالث حتى يكون المجلس القادم جيدا هو الفصل بين السلطات، بألا تتدخل الحكومة بعمل المجالس النيابية، وهي لم تتدخل في انتخابها، ومن هنا تكون قد أدت واجبها، لكن، يجب ألا يتدخل مجلس النواب في قرارات الحكومة بأن يملي تعليمات أو ترقيات أو إجراءات أو تفويضات أو تمليكات أو تأجيرات، فلا هو يسمح لنفسه بالتجاوز على سلطة الحكومة، ولا الحكومة تسمح له بفعل ذلك.

إذا نجحنا اعتباراً من البرلمان القادم، وعرف كل واحد ما يمليه الدستور، فلا يتدخل في صلاحيات الآخر، فهذا هو مبدأ فصل السلطات، الذي هو أقنومة العالم الحر الجديد، فإذا كان مجلس النواب يفرض القرارات على الحكومة فهذا خطأ، وإذا كانت الحكومة تريد أن تستقبل هذه الفرضيات فهو خطأ، ولذلك يجب أن يكون هناك عقد أدبي بين الحكومة القادمة وبين المجلس القادم بالتفاهم على هذا المبدأ، فإذا تم التفاهم على هذا المبدأ فالحكومة ترتاح والرأي العام يحترم الاثنين.



] الدستور: تحدثت في الأسبوع الماضي بكلام مهم جداً بمناسبة امتحان التوجيهي عن هيبة الدولة وتراجعها، وهذه النقطة من أهم مشاكل الأردن المتراكمة. ونحن نعلم أن هيبة الدولة تبدأ من احترام آداب الطريق وتمتد إلى احترام فصل السلطات ومواد الدستور.

هناك تهشم في المنظومة الأخلاقية والقانونية، وفي المنظومة التربوية، حتى المناهج فيها معلومات مغلوطة. هل تعتقد أن الطريق أمامنا طويل لاسترداد هيبة الدولة من خلال إعادة المنظومة الإدارية والأخلاقية؟.

- النسور: الطريق طويل، والدنيا تغيرت. مؤسسات المجتمع لها رأي، والجيل الصاعد له رأي، والاتحادات الطلابية لها رأي ولها موقف، ولها الحق في النقد، ولم تعد هناك قداسة للحكومات، لا هيبة روحانية. لكن، بنفس الوقت، هناك فوضى.. هيبة الدولة لا تعني جبروتها، ولا انعزاليتها، وترفعها، وانفصامها عن الناس وابتعادها عن التماس بالجماهير. فصل السلطات يعني أن الدستور أعطى حقوقاً ورتب واجبات ونظم صلاحيات، وهذه الثلاثة أقانيم يجب أن تكون واضحة. حقك يجب أن تأخذه، وواجبك يجب أن تؤديه، وأن تمارس صلاحيتك، فلا يجوز أن تختلط الأمور ببعضها البعض. هكذا هي الحقوق والواجبات والسلطات.



] الدستور: على ذكر الفصل بين السلطات، هناك قوائم وأحزاب جهزت نفسها لتحصل على الأكثرية لتشكل الحكومات، فكيف سيكون هناك فصل بين السلطات؟.

- النسور: ربما يظن القارئ الكريم، وربما بعض المرشحين أيضاً، أن الفصل بين السلطات وما عنيته أن النائب نائب والوزير وزير ولا يجوز الجمع بينهما، لكني أقول إنه يجوز الجمع بينهما، فيجوز أن تكون حكومة برلمانية كلياً أو جزئياً، رئيساً ووزراء، أو خليطا من الاثنين، فهذا ليس مضادا للفصل بين السلطات، لأن الجنس البشري الديمقراطي الذي وصل يجمع ويفصل. فلنأخذ على سبيل المثال أعظم دولة في العالم اميركا، حيث لا يجوز للنائب والسيناتور أن يكون وزيرا إلا إذا استقال من وظيفته التشريعية.



] الدستور: التجربة الماضية التي خاضها الأردن في عقد التسعينيات من القرن الماضي وقصة توزير النواب، هل تعتقد أنها كانت ناجحة أم فاشلة؟.

- النسور: كانت ناجحة وفاشلة، والفصل نجح وفشل. كان من حظي أنني كنت وزيراً، وفي أول وزارة توليتها لم أكن نائباً، بينا كنت في ثاني وزارة وثالث وزارة ورابع وزارة نائباً ووزيراً، ثم أصبحت وزيراً دون أن أكون نائباً. وبذلك فقد مارست جميع الأمور.

السيئ في تجربة توزير النواب أمران: في تلك الفترة -وأتحدث هنا عن الماضي ولا أعني الفترة القادمة- أولاً تم توظيف منصب الوزارة الذي يشغله النائب لتعظيم فرصه القادمة، ثانياً كان هناك عدم كفاءة في كثير من النواب. السلطة التنفيذية ليست مكانا للتدريب، فيجب أن يأتي الوزير مدربا وجاهزا، والمواطن يريد أخذ خدماته وينتظر من الحكومة أن تعطيه ذلك على أحسن ما يمكن على الإطلاق. إذن، النائب الكفؤ القادر هو المطلوب.



] الدستور: بالنسبة لموقفنا من سوريا، فهو حتى الآن موقف أخلاقي أكثر من كونه موقفا سياسيا. ونحن نعلم أن الأردن يتعرض لضغوطات قوية ولكنه صمد. لكن، واضح أن التطورات سريعة جداً على الساحة السورية، وإذا سقط النظام وسادت الفوضى في سوريا، وبدأت حملات اللاجئين تضغط على الحدود الأردنية، فما هو موقف الأردن من هذا الموضوع، وما موقف الأردن إذا حصلت مشكلة تتعلق بالأسلحة الكيميائية في جنوب سوريا؟.

- النسور: أولاً، نحن لم نتدخل في سوريا. وهذه سياسة مخطط لها وليست صدفة، وقد أثبتت هذه السياسة جدواها وصحتها، وهي سابقة لهذه الحكومة بالطبع، فهذه سياسة جلالة الملك التي أثبتت نجاحا وحكمة كبيرة. وبالعودة بالذهن عامين للخلف، نجد كم كان جلالة الملك مهتدياً وحكيماً في هذه السياسة.

الآن، ماذا ستحمل الأيام؟.. إذا حصل تدفق كبير جداً للاجئين، سنحاول ألا يكون في داخل الأراضي الأردنية، وأن يكون ضمن الأراضي السورية، فإذا حصل تدفق، فإن القانون الدولي يحكم علاقتنا مع اللاجئين. القانون الدولي لا يسمح لك أن ترد طالب النجاة، لكن هناك إجراءات تتأكد من خلالها أن هؤلاء القادمين جاؤوا طلباً للحماية وليس لأهداف سياسية، ولا لأهداف عسكرية، ولا هم مرسلون كمتسللين، ولا ليبدلوا مكان هجرتهم، مثل اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في سوريا، والراغبين بالأصل دون الحرب في سوريا الآن أن يأتوا إلى هنا. ونحن لا نريد لهم أن يأخذوا هذه الفرصة ليأتوا إلى هذا البلد ويقوموا بإخلال استقرار وضع اللاجئين الفلسطينيين في الخارج، وأن يقوموا بقصة لجوء جديدة. إذن، لن نسمح بتدفق لاجئين فلسطينيين إلى هنا، حفاظاً على حقوقهم في وطنهم الأصلي فلسطين، فحقوقهم في فلسطين.

اللاجئون السوريون الذين يأتون طلباً للحماية، يمكن إسكانهم وإبقاؤهم على حدود وطنهم، وهذا هو الخيار الوحيد، لكن ما لا يمكن فعله إذا لم يحصل هذا سنكون مستعدين له. وتعلمون أن لدينا الآن مخيم الزعتري، ونحن الآن نبني مخيماً آخر اسمه الحلابات، فيه بنية تحتية كاملة، وهذا يتسع إلى خمسة آلاف فقط، ويمكن أن يتوسع إلى 40 ألفا تقريباً على الفور، علماً بأن الموجودين في الزعتري 40 ألفا، ويمكن أن يكون هناك مخيم آخر في الحلابات إذا اقتضت الحاجة.

بالنسبة للكيماوي، فلدينا حماية لقطاعاتنا العسكرية، وهي حماية علمية وكافية، وهناك أجهزة وقاية، ونأمل ألا يكون الأمر كذلك.



] الدستور: نريد التحدث عن موضوع محاربة الفساد. عندما تسلمتم رئاسة الحكومة تحدثتم عن ملفات ستحال للقضاء وستتم معالجتها، متى سنرى ذلك؟.

- النسور: موقفنا من قصة الفساد معروف وحاسم ولا تغير فيه. وتعلمون أنه إذا عرضت قضية فساد، وأخلي سبيل من اتهم، فكأنها طويت للأبد، إلا إذا ظهرت أدلة جديدة. ومجلس النواب تعامل مع عشرات القضايا، وبسبب نقص الأدوات في مجلس النواب، جرى إخلاء كثير من هذه القضايا، فأصبحت إعادتها إلى الأضواء والبحث عن أدلة جديدة لم يبحثها مجلس النواب، أمراً فيه صعوبة من الناحية القانونية، ولكن التصدي مستمر، وسنرى ماذا نستطيع أن نجد من دلائل جديدة.

أريد من القارئ أن يعرف أنني لا أملك -ولا القاضي أيضاً- أننا إذا سمعنا عن شخص فاسد نقوم بحجزه، فيجب أن تكون هناك أدلة مادية مقبولة يقبلها القاضي ويصدر الحكم على أساسها، وإن غابت تلك الأدلة فالقضية لا يمكن طرحها.

ما نفعله هو التأكد من أن ثمة أدلة على بعض القضايا، وهي أدلة صحيحة ونزيهة، ولا يوجد بها تقصد ولا إساءة للناس، وتصلح لأن يقبلها القاضي، لأن الحكم للقاضي وليس للحكومة، فالقاضي هو من يقرر، وليس من صلاحيتنا أن نحبس إنسانا واحدا ولا ليلة واحدة. إذا لم يرتضِ القضاء بالأدلة فإنه لا يقبلها، وإذا كنت وطنيا وتريد أن تتحرى الفساد؛ فيجب أن تتأنى في جمع الدلائل الصالحة حتى يقبلها القضاء.  والآن، هناك عمل على بعض الملفات التي نظرها مجلس النواب.

* الدستور : نشكر دولة الرئيس على هذا اللقاء. 

أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :

كركي24-12-2012

دولة الرئيس في جميع لقاءتك الصحفية ربطت ارتفاع الاسعار بانقطاع الغاز المصري والحمد لله الشعب الاردني ليس مصابا بمرض الزهايمر
الان تتراجع انا ارى ان تقدم استقالتك احتراما لهذا الشعب ان كنت ترى انه يستحق الاحترام
رد على التعليق
capcha
: كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها .
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.