• رئيس التحرير المسؤول .. فايز الأجراشي
  • نتقبل شكواكم و ملاحظاتكم على واتس أب و تلفون 0799545577

"للنخاسين الجُدد" ...الذين اساؤوا الأدب مع الشعب، و أذلوا الفقراء، و أهانوا الضعفاء

صفحة للطباعة
تاريخ النشر : 2014-07-02
3134

بقلم الاعلامي .. بسام الياسين

 ( "للنخاسين الجُدد" الذين اساؤوا الادب مع الشعب، و اذلوا الفقراء، و اهانوا الضعفاء، وورطوا بعض الطلبة بسلوكيات قذرة، وجرجروا عتاولة الكلمة للمحاكم، ورموا بالصحافيين خلف القضبان، وشنّعوا بأهل الرأي، و شيطنوا المعارضة، وافسدوا اصحاب المواقف بالوظائف،وشلوا الحراك ووقفوا ضد الاصلاح.لهم في هذه السيرة عبرةً ودرساً في رمضان الذي تُصّفد فيه الشياطين.سآئلاً اللهَ ان يباعد بيننا وبينهم كما باعد بين ابليس والجنة ). 

*** زعامة قريش التي لا تقيم وزناً للقيم و لا تلتزم بالمبادىء، دأبت على سلوك طرق ملتوية لجمع المال لاجل الاحتفاظ بالسيادة والوجاهة،والهيمنة على خلق الله وإفسادهم. فكان الاتجار بالبشر اكثر صنوف التجارة ربحاً ورواجاً،و افضلها استثماراً، لما تدره من مال وفير وربح سريع. من سوء طالع خباب بن الارث ان وقع سلعة بايدي "الفرقة السافلة ".عرضوه في سوق النخاسة بضاعة تخضع لقانون العرض والطلب.هوعبدُ ـ بمفهوهم ـ لا يصلح لشيء ولا شيء يصلح الا للعبودية، والطاعة العمياء.لم يدركوا ان في اعماق خباب،ا صحابي جليل،يحمل شخصية انقلابية متمردة،ترفض السائد ،و ثوري متمرد على ثقافة القطيع التي تعيشها دواب بشرية استمرأت الانقياد من رقابها "للسيد".ولم يعلموا ان هذا "العبد" الصموت سيفجر اسئلة صعبة،لاجوبة مستحيلة،ستقض مضاجع علية القوم ممن ادمنوا سماع "نعم سيدي" الاذعانية. 

*** عرضوا آدمية "خباب" للبيع في سوق النخاسة،فتلقفته "ام انمار" بسعر زهيد ارخص من ضمائرهم المتكلسة، وشخصياتهم المشوة ، لتدخره وقوداً لمستقبلها، وخادماً مطيعاً يقوم على خدماتها،وتامين شؤونها.إستغلت حرفيته ليكون صانعَ سيوفٍ لتقبض ثمن عرقه، و جنى شبابه.فهي ابنة مجتمع مريض لا يتورع عن حلب الاخر،واستعباد انسانيته. فالانسان نتاج بيئته وجيناته وتربيته.هي نقيض كل النساء الحانيات،و كانها لم تتذوق طعم الامومة.تتميز هذه الحيزبون بسلاطة لسانها، وخشونة تعاملها،لاغرقها في نرجسيتها حتى التورم الخبيث. لها سحنة خنزير، و لسان ينّزُ صديداً،يقطر قيحاً. فُطرت على ثقافة الايذاء، وكراهية للناس بلا سبب مشروع لعلة نفسيةٍ في ذاتها، وخلل عميق في تركيبتها الخِلقية و الاخلاقية،هي لا تتورع ان ترمي كل من يخالفها بحجارة حقدها، وتتعامل بسوء افعالها وسيء اخلاقها.سلوكياتها بالمطلق سلبية هي حصيلة شخصية استعراضية،و عقلية سطحية.لا تنمو في داخلها سوى بذور الشر الموروثة من اصلاب اجدادها ممن تربوا على الفجور و تمترسوا بالكفر. فقد وجدت في خباب ضالتها لتنفيس مكبوتاتها،وتحويل عُقدها المرضية اليه، وصب مخزون غضبها الموروث عليه عند نوباتها الانفعالية. 

*** لم يكن غريباً عليها سلوك هذا السلوك المُشين، لانها من فصيلة ـ حمالة الحطب ـ في جيدها طاقة سلبية هدامة تدمر بها بلد بحجم طوكيو. رضعت منذ طفولتها البطر والكبر،وتشكلت لديها قناعة انها فوق البشر.إستغلت الشاب الهادىء الوادع "خباب بن الارث" بتشغيلة نافخَ كيرٍ، وصانعَ سيوفٍ،بينما كان الاجدر ان يكون حاملَ مسك لحُسن حديثه،وطيب معشره. آثرث ان تجعله سيافاً في مجتمع يتمنطق بالسيوف،و ينتزع حقوقه بيده ،و يسلب حقوق غيره، بجبروته الشخصي،و مكانتة القبيله.لهذا كانت "ام انمار" القرشية اسعد الناس بالمجتمع القبلي المتطاحن،مثل تاجر السلاح الذي يقف ضد السلام، ويحزن عندما يسود الحب بين الناس،خوفاً من كساد تجارته وبوار سلاحه. ولما جاءت الدعوة المحمدية حاملة العدالة الاجتماعية،ساعية لاذابة الفوارق الطبقية ،قاومتها بشدة لانها خطر على مصالحها. 

*** كان خباب بن الارث، بقامته الممشوقة الذاهبة الى السماء كثير التفكير بالواحد الاحد، الواجد الماجد، وعلة الوجود.بعضلاته المفتولة يطًوع الحديد،فيما احاديثه الشائقة تحمل دفء الصحراء، ونقاوة البداوة،وسلامة الفطرة. تراه دائم الاستغراق متاملاً راصداً حركة اجرام السماء الخاضعة لقوانين إلهية صارمة. " فلا اقسم بمواقع النجوم وانه لقسم عظيم ".كل جُرم يسير في مداره المضبوط على توقيت زمني مُحدد لا يتعداه،ومرسوم في خط مكاني ثابت لا يتخطاه.فالكون آية إعجازية،وكتاب مفتوح لمن يريد الفهم والوصول للحقيقة الكونية. كون ليس فيه نشاز او تضاد او اعوجاج.ما يدل على عظمة الخالق، ووحدة الوجود،و أُحادية الواجد. 

*** لقد كان حداداً بالمعنى التقليدي،لكنه فيلسوف بالمنطق الفكري.صاحب رؤيا نفاذة،يقرأ الآتي قبل ان ياتي.فالمعرفة لا ترتبط بالمنزلة الاجتماعية.لكنه ورغم دنو منزلته،واستئثار السادة بالسيادة والمال والسلطة كان متقدما على سادته إيمانياً وفكرياً وسلوكا اخلاقيا . كان يرى ان العبث والفوضى ليست في المنظومة الكونية المُحكمة،شديدة الضبط والربط والانضباط بل في المنظومة الاجتماعية والتباين الطبقي واستعباد الانسان للانسان وظلمه واستغلاله.ثراء فاحش،فقر مدقع. امتيازات في كل الميادين يقابلها حرمان للمهمشين في كل الميادين. 

*** ذروة تفكيره ومعاناته غالباً ما تطفح حينما يهجع الى فراشه القاسي، يتقلب على حصيرته كالملدوغ، لا من خشونة الحصى، ولا خوفا من زواحف الارض السامة او شظف العيش، وحرارة الطقس الكاوية بل من حرارة التفكير وقلق الاسئلة المُحيرة التي تعتمل في داخله كمرجل يغلي.نجوم تسبح في السماء، شمس حارقة تطل صباحاً وتغادر مساءً في توقيت تُضبط عليها الساعات الرملية.قمر منير يثير العشاق والشعراء،يولد جنيناً حتى يكتمل بدراً ثم يصغر حتى يتلاشى في دورة جمالية لا احلى منها و لا اجمل ."افلا ينظرون الى الابل كيف خُلقت*والى السماء كيف رُفعت*!.كل هذا لم ياتِ من فراغ ولابد قوة خارقة حكيمة ومبدعة وراءها . 

*** بالتوازي مع تلك الاسئلة الوجودية.كان السؤال الملحاح الذي يلح عليه: لماذا يصنع السيوف لغيره وهو عبدُ ذليل؟! .لماذا تأكل "ام انمار" شقاء تعبه،وعرق جبينه، وحصاد عمره،و يعيش على فُتاتها كانها تتكرم عليه مع انها تسلبه حقه؟!. لماذا يحفر على مقابض السيوف اسماء نكرات، وهو مجرد من اسمه؟!. لماذا يصنع السيوف القواطع و محظور عليه ان يحمل شفرة؟!. لماذا اكابر قريش يسلقونه بالسنة حداد و نظرات الازدراء وينعتونه باحط الصفات مع انه لم يؤذِ نملة في حياته؟!.الف لماذا تدور على لسانه،وتطن في ذهنه،بقيت معلقة بلا اجوبة. 

*** جاءت الدعوة المحمدية، فكان اول من يهرع الى صاحبها ويؤمن بها و يتبنى افكارها، ويتعهد بالموت دونها. حمل رايتها وسار في مقدمة المؤمنين بها. ما فعله ليس من باب الموضة الفكرية، بل لانه وجد فيها نفسه، و اجابت على الاسئلة التي تقض مضجعه: "هو الله الواحد الاحد الفرد الصمد.....خالق الوجود،بديع السموات و الارض". شعر بسعادة لم يعهد مثلها من قبل وهو يستمع الى البشير النذير. فقد وجد عند محمد بن عبدالله الاجوبه الشافية عن الاسئلة المطلسمة. لم تضع دعواته في جوف الليل وهو يناجي الخالق : "يا صانع هذا الوجود دلني عليك او دلني على من يدلني عليك".عرف في مدرسة محمد صلوات الله عليه: "ان الله ليس كمثله شيء،يُستدل به على كل شيء،ولا يُستدل بشيء عليه".هو الله العلي المتعالي على الادراك،خلق الذرة المتناهية الصغر تشبه المجرة العظيمة لتعرفه وتتعرف عليه بالمتاح لك متدرجاً من الذرة للمجرة.فيا الله ما ابدعك جلّ شأنك في عُلاك. 

*** لم يكتف خباب بن الارث بالذوذ عن العقيدة الايمانية بالجانب العملي، عندما كانت خضراء غضة ندية العود كريحانة تطلق شذاها.بل راح يثقف نفسه في مدرسة هادي البشرية.فالاسلام دين عمل والتزام وليس دين نسب ووجاهة ورُتبْ،ولا قيمة لعلم ومال من دون ادب. نعم، القوة تصنع الحق في الحروب بين البشر المتصارعين على الحدود و الوجود و الموارد،لكن الحق في الاسلام يحتاج الى جانب اعداد القوة ورباط الخيل لقوة المنطق،وسلامة الحجة و وضوح البرهان.منظومة فكرية متكاملة، يجب ان تؤطر في اطار عقلي يعقلها و يُعقلنها.خاض معركة صناعة الذات ومجاهدة النفس. اكبر المعارك و اصعبها. فمن الإستحالة ان تهزم عدوك ان لم تعرف نفسك.مرت الايام و اذا بخباب يخرق شرنقة عبوديته،ليصبح سيداً حراً كريماً، ومرجعية عُليا في القران، ومُعلماً في الفقه و استاذاً في الاحكام. 

*** انتصر الاسلام القائم على عناصر التوحيد والسماحة والقوة والعقلانية ومحاربة جاهلية عبادة الاوثان.و سقطت الوجاهة القرشية،و رؤوس الكفر.فاخذ المهمشون مواقعهم المسلوبة، واستعاد الضعفاء حقوقهم المهدورة.بانتصار الاسلام، انتصر الانسان وعمَّ السلام .فتحرر الظالم من ظلمه،مثلما كسر المظلوم قوقعة مظلوميته. فساد العدل وعمَّ النور كافة الارجاء. لم يهدأ الصحابي خباب من مقارعة الباطل، حتى اندحر، فارتفع اسمه كراية خفاقة. ولما استتبت ركائز الدين في الجزيرة العربية حمل شيخوخته ورحل الى العراق. 

*** هناك في ظل نخلة عربية باسقة،صعدت روح خباب بن الارث الطاهرة الى باريها،وما زالت تطرح عناقيد تمرها الحلو ، وترتوي من الفراتين انهار الجنة،و الى جانب قبره الطاهر يتمدد سيفه المزين بعبارة " لا غالب الا الله". "إن المتقين في جنات ونهر،في مقعد صدق عند مليك مقتدر". هكذا اصبح المغلوبون على امرهم خباب وصُهيب وعمار وبلال يحتلون صدارة التاريخ . فعند الله وحده الرتبة والمكانة والمنزلة العظيمة، فيما سقط اكابر القوم في الدرك الاسفل من مزبلة التاريخ، الوليد بن المغيرة الموصوف في القران الكريم بـ "العُتل الزنيم" ـ مجهول النسب ،بغي الام ـ و ابو لهب الفاجر الظلوم،وأبو جهل الفاحش اللئيم "فبآؤا بغضبٍ على غضبٍ"، ولعنة من الله و الناس أجمعين إلى يوم يبعثون. 

أضافة تعليق


capcha
كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها . :

سامى02-07-2014

ياريت يتعض النسور وحكومة
رد على التعليق
capcha
: كافة الحقول مطلوبة , يتم مراجعة كافة التعليقات قبل نشرها .
العراب نيوز صحيفة الكترونية جامعة - أقرأ على مسؤوليتك : المقالات و الأراء المنشورة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها و لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العراب نيوز.